أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مركز الآن للثقافة والإعلام - المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي الأمريكي.. خطأ عربي ..كيف اغتالت .. حتى لا تضيع سورية..المأزق البنيوي ..كلمة بوش..الأقليات في فلسطين















المزيد.....



المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي الأمريكي.. خطأ عربي ..كيف اغتالت .. حتى لا تضيع سورية..المأزق البنيوي ..كلمة بوش..الأقليات في فلسطين


مركز الآن للثقافة والإعلام

الحوار المتمدن-العدد: 1120 - 2005 / 2 / 25 - 09:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


سوريا ولبنان والمصير المشترك
طرح اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري والجنازة الشعبية الاستثنائية التي رافقت مسيرته إلى مثواه الأخير، أكثر من القرار 1995، بصرف النظر عن المسؤول الحقيقي عن هذا الاغتيال، مسألة الانسحاب السوري من لبنان كما لم يحصل في أي وقت وكشف بالمناسبة نفسها عن الأزمة العميقة التي تضرب العلاقات السورية اللبنانية بالعمق والتي يهدد تفجرها بإعادة لبنان إلى دوامة العنف والفوضى من جديد.
لا تنبع هذه الأزمة من غياب المصالح السورية اللبنانية ولا من تضاربها وإنما بالعكس تماما، أي من الوجود الموضوعي لمصالح كبرى جيوسياسية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحتم التعاون والتواصل العميق بين الشعبين من جهة وغياب الأسس السليمة التي تساعد على تأمين هذه المصالح وتنشيطها لصالح الشعبين وعلى المستويات الفردية والجماعية من جهة ثانية. وبسبب غياب الأسس السليمة، السياسية والقانونية، صارت هذه المصالح الموضوعية الكبرى عبئا على الشعبين نفسيهما بقدر ما مكنت أصحاب المصالح الاقتصادية الخاصة والشلل السياسية المتحالفة من الاستفادة من وجودها وتجيير الشرعية المرتبطة بها في سبيل بناء شبكات منافع اقتصادية أو سياسية تخدم أهداف فئات محدودة من البلدين على حساب فئات أخرى. وهكذا أصبحت الرابطة الاستثنائية القائمة فعليا بين البلدين مصدرا للقوة والثروة عند بعض الأطراف والفئات ووسيلة للعزل والتهميش والحرمان من المشاركة في السلطة والثروة والحق في الكلام في الوقت نفسه بالنسبة لأطراف أخرى إن لم نقل لأغلبية المجتمع في البلدين. وهكذا أصبحت العلاقات السورية اللبنانية، بالشكل الذي آلت إليه، منبعا لنزاعات سياسية واقتصادية وثقافية جديدة بدل أن تكون وسيلة لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار والنمو المشترك الذي يشكل هدفا رئيسيا لأي تعاون إقليمي.
فليس للصراع الذي تحول اليوم إلى قطيعة بين التآلف الحاكم وأطراف المعارضة المتعددة الاتجاهات حول إعادة النظر في حجم وطبيعة النفوذ السوري في لبنان هدف آخر سوى إعادة بناء المعادلة السياسية والاجتماعية اللبنانية على أسس جديدة تتجاوز تلك التي كرسها حتى الآن التطبيق الجزئي والانتقائي لاتفاقية الطائف. وتتهم المعارضة سوريا بأنها لا تتمسك بهذه الاتفاقية لحماية لبنان وضمان استقراره وأمنه بقدر ما تستخدمها في سبيل إبقاء البلد تحت وصاية دمشق وتحولها بالتالي إلى وسيلة لمكافأة القوى التي تعتمد عليها أو الموالية لها. وهو ما عبر عنه وضمنه أيضا استبعاد الأطراف العربية الأخرى بما في ذلك الجامعة العربية كما كان منتظرا عن الإشراف على تطبيقها وربط هذا التطبيق حصرا بإرادة دمشق.
لا ينطبق هذا التحليل على لبنان فحسب ولكنه ينطبق على سوريا أيضا ولو بشكل آخر. فأغلبية المجتمع السوري لا ترى لنفسها أي مصلحة حقيقية في العلاقات المختلة القائمة بين البلدين. وفي الأصل لم يكن لسياسة التدخل في لبنان أي شعبية على الإطلاق منذ بدئه عام 1975. وقد بقي الرأي العالم الذي قابله بصمت ومن دون أي حماس، بما في ذلك داخل أوساط حزب البعث الحاكم نفسه، ميالا خلال العقود الطويلة السابقة إلى التشكيك في قيمته وجدواه، وهو ما حدا بأجهزة الدعاية السياسية والإعلامية السورية إلى جعل مسألة التدخل السوري في لبنان من المحرمات التي يمنع الحديث فيها لأي كان وإلى اعتبارها قرارا مباشرا صدر عن رئيس ملهم ولا يمكن أن يخضع بالتالي، لا في داخل النظام ولا خارجه، لأي نقاش أو مراجعة. وقد تنامى فيما بعد الشعور عند قطاعات واسعة من الرأي العام، وبشكل أوضح اليوم، بأن الحضور السوري المباشر والكثيف في لبنان، لا يهدف إلى شيء ولا يخدم هدفا آخر سوى تعزيز قوة السلطة الأمنية وتكريسها في سوريا أساسا وفي موازاة ذلك تأمين شبكات المصالح الفئوية المشتركة التي نمت وترعرعت على هامش هذه السلطة والسيطرة الأمنية في البلدين.
ويعتقد الكثير من السوريين أن الحكم في سوريا يستخدم نفوذه في لبنان وما يقدمه له هذا النفوذ من موارد مادية وغير مادية، سياسية وإعلامية، في سبيل التمكين لنفسه في سوريا وتشديد قبضته على مجتمعها وضمان استبعاده من أي قرار. ولهذا فهو يرى أن انحسار النفوذ السوري في لبنان هو انحسار لنفوذ الحكم القائم في سوريا وإضعاف له بالدرجة الأولى. وباستثناء أولئك الذين جعلوا من لبنان مرتعا لمصالح استثنائية اقتصادية وسياسية معا، قليل جدا هم المثقفون أو السياسيون الذين أظهروا حماسا، بما في ذلك داخل حزب البعث الحاكم، للإبقاء على هذا النفوذ أو لمعارضة الانسحاب السوري من لبنان.
بالتأكيد هناك قلق عند مئات آلاف العمال السوريين الذين يعملون في لبنان، أو يحلمون بالعمل الوقتي فيه لتحسين شروط معيشتهم اليومية، من أن يؤدي هذا الانسحاب إلى خروجهم من لبنان. كما أن هناك قطاعات واسعة من الرأي العام تخشى أن يعني هذا الانسحاب تراجعا عن سياسة مقاومة إسرائيل التي يعبر عنها وجود حزب الله في الجنوب وهو الحزب الذي تحول إلى رمز للمقاومة العربية الناجحة ضد حركة التوسع والاستيطان الإسرائيليين.
لكن ليس هناك من يعتقد أن التمسك بنمط من العلاقات غير المتوازنة يمكن أن يشكل ضمانة لبقاء العمال السوريين أو لحماية حركة المقاومة ضد إسرائيل. وربما اعتقدت أغلبية السوريين، بالعكس من ذلك، أنه لا توجد أي علاقة بين تواجد مئات الألوف منهم في لبنان للبحث عن لقمة عيشهم في لبنان والعلاقات المختلة وغير المتكافئة التي تثير حساسيات قوية ضدهم وتعرضهم لنقمة قطاعات واسعة من اللبنانيين. والواقع أن وجود مئات آلاف العمال السوريين لم يرتبط بالتدخل العسكري ولا الأمني السوري ولكنه شكل جزءا من العلاقات الثابتة والطبيعية بين قطرين متجاورين تربط بين مجتمعيهما وشائج قربى ثقافية واجتماعية كثيرة. فهو وجود لم ينقطع منذ عقود بسبب جاذبية الاقتصاد اللبناني وديناميته بالمقارنة مع ما اتسم به النظام الاقتصادي السوري من جمود وركود. ثم إن وجود السوريين بمئات الآلاف في لبنان بحثا عن العمل يعبر هو نفسه عن إخفاق النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم في سوريا منذ أكثر من أربعين عاما في تحقيق التنمية وتوفير فرص عمل شريف للسوريين في بلدهم. وعلى العموم ليس هناك أي شعور فعلي عند الرأي العام السوري بأن نمط العلاقات القائم اليوم بين البلدين يخدم مصالح الشعب السوري أو يساهم في الدفاع عنها بقدر ما يعكس مصالح ما يسميه البعض القاعدة الاجتماعية للنظام السوري اللبناني الموحد ويؤمن له أفضل الشروط لتجديد سيطرته وتخليدها.
بالتأكيد ليس الخلل في العلاقات السورية اللبنانية القائمة وما يشكله من إجحاف بحق أغلبية المجتمعين السوري واللبناني لصالح فئات ضيقة ومحدودة هو السبب الوحيد بل المباشر لاندلاع الصراع المتفجر اليوم في لبنان والذي كان الرئيس الحريري ضحيته المباشرة. فمن الصعب فهم هذا الصراع إذا لم نأخذ بالاعتبار الحقيقة الأكبر ألا وهي أن الأرض قد بدأت تميد فعلا تحت أقدام النظام السوري اللبناني القائم بسبب اختلال المعادلة الجيوستراتيجية وتبدل موازين القوة الإقليمية. فهو نتيجة مباشرة لحركة الانحسار المتواصل لدور سوريا الإقليمي في إطار إعادة ترتيب الأوضاع الشرق أوسطية على نار الحرب والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية. لكن ليس هناك شك في أن هذا الاختلال في الموازين الجيوستراتيجية ما كان سيقود إلى النزاع الراهن لو كانت العلاقات السورية اللبنانية قائمة على أسس متينة سياسيا وقانونيا وإنسانيا. لكن بسبب وجود قوى واسعة اجتماعية وسياسية عديدة غير راضية بالرغم من أنها خضعت أو أخضعت بالقوة، ما كان من الطبيعي أن يقود تغير المعادلة الدولية والإقليمية إلى تشجيع هذه القوى على الخروج عن صمتها والمطالبة بتغيير نمط العلاقات القائمة نحو صيغة تضمن لها استرجاع مواقعها أو الدفاع عن حقوقها، أي بإنهاء عصر الامتيازات والحظوات. وخطأ السلطات السورية التي تتعرض لضغوط متنامية لسحب قواتها من لبنان هو أنها لم تدرك هذا التبدل العميق في موازين القوة الإقليمية والدولية أو أنها اعتقدت أن بإمكانها الانخراط في المعادلة الجيوستراتيجية الأمريكية الجديدة مع الاحتفاظ بصيغة العمل الماضية وبالمكاسب الاستثنائية نفسها التي كانت قد حصلت عليها في الحقبة السابقة. وقد حاولت في الحقيقة أن تطبق في لبنان ما طبقته حتى الآن بنجاح في سوريا نفسها، أي الانتقال من سياسة "الثورة الاشتراكية وحكم العمال والفلاحين" إلى سياسة الانفتاح والليبرالية الاقتصادية والرهان على الاستثمارات الخاصة في إطار النظام السياسي ذاته ومع الحفاظ على قاعدة المصالح الاجتماعية القديمة نفسها. ولو أنها قبلت في أن تعيد النظر في طبيعة تحالفاتها السياسية والاجتماعية القائمة في لبنان لصالح توسيع دائرتها والانفتاح بشكل أكثر على القوى المتضررة والمغبونة لما اندلع هذا الصراع ولما اضطرت إلى الدخول في المواجهة الخطيرة الراهنة، حتى مع تبدل الظروف الجيوستراتيجية الإقليمية. لكن كما أنها لا تستطيع في سوريا ضمان السيطرة الشاملة التي تجعلها تتحكم بموارد البلاد بشكل كلي من دون الانغلاق على القسم الواسع من القوى الاجتماعية واستبعادها وإقصائها عن حقل السياسة بكل الوسائل، فهي لا تستطيع أيضا أن تضمن وصايتها الخارجية على لبنان من دون أن تقيم وصاية داخلية لقسم من اللبنانيين الموالين لها على بقية شعب لبنان.
بمعنى آخر، ما كان من الممكن إصلاح نظام العلاقات السورية اللبنانية من دون إصلاح النظامين السوري واللبناني كليهما من الداخل، أعني من دون توجهات ديمقراطية حقيقية تدفع إلى إقامة نظم سياسية اجتماعية جديدة تستند على الحق والقانون واحترام المصالح العامة وتمكن جميع الأفراد أيضا من المشاركة الفعالة والإيجابية في الحياة العامة. أي من دون كسر نظام الاحتكار، احتكار السلطة والثروة والجاه الذي يقود حتما، في كل مكان وزمان، إلى الثورة والانفجار. ولكن للأسف ربما فات الأوان.
برهان غليون
مفكر سوري
الوطن

----------------------------------------------------------------------------

عيون وآذان / لبنان... معارضاً
كنت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري كتبت في تعليق لي هذه الفقرة القصيرة: "وهذا لا ينفي وجود جهاز مارق (Rogue) نفذ العملية، وان حدث هذا فقد تكون فرصة لانقاذ لبنان وسورية من الأجهزة، فلا يبقى منها الا ما هو مبرر، وما ينفع شعبي البلدين".
ومضى أسبوع من دون ان استبعد هذا الرأي، مع معلومات عن ان الأميركيين تنصتوا على اتصالات هاتفية قبل الاغتيال، وهناك تسجيلات، فهم يتنصتون على العالم أجمع. غير انني أزيد الأصوليين المتطرفين كاحتمال ثانٍ، واسرائيل كاحتمال ثالث، أو عميلاً مزدوجاً يجمع بين الاحتمالين الثاني والثالث، من دون ان يدري، أو مدفوعاً بأجر.
أكتب عن لبنان معارضاً، فمع وجود صداقات كثيرة لي في سورية، الا انني في لبنان أقرب الى المعارضة، ولا يجمعني بالحكومة الحالية سوى صداقة شخصية مع الوزير محمود حمود. وقد بت من منطلق معارضتي الشخصية أجد أسباباً كثيرة للقلق على مستقبل لبنان، والمعارضة اللبنانية تُستغل من الداخل، ومن الخارج لأهداف متباينة، حتى تكون أحياناً متناقضة.
نصف الناس الذين شيعوا الرئيس الحريري وعزوا وبكوا يحبون رفيق الحريري مثلي، ونصفهم يعارض استمرار الوجود السوري في لبنان، مثلي أيضاً. غير ان النصفين ينسيان ان لسورية في لبنان أنصاراً كثيرين، وان لكل فريق شارعاً يستطيع تحريكه، كما قال السيد حسن نصرالله.
هناك أنصار لسورية خارج أجهزة الاستخبارات ورجالها في بيروت، وخارج وجود بعض الجيش السوري في البقاع. هذا واقع لا يجوز انكاره والانزلاق نحو مواجهة يخسر فيها لبنان. وربما زدت على ما سبق هامشاً أساسياً هو ضرورة انتظار نتائج التحقيق، مع شرط ان يكون التحقيق جدياً ومستقلاً، ومع تفضيلي شخصياً ان يكون هناك وجود خارجي ولو كان في ذلك اعتداء على السيادة، حتى تلقى نتيجة التحقيق قبولاً عاماً يحسم المسؤولية عن الجريمة.
اذا كان من نقطة مطمئنة في البعد اللبناني للمعارضة فهي انها تجمع طوائف ندر ان اجتمعت من قبل, فهناك السنّة والموارنة والدروز، ما يرفع شبح مواجهة طائفية.
غير ان البعد الخارجي للمعارضة هو الأخطر، وهو الذي ينذر بأوخم العواقب اذا لم تبتعد المعارضة، والموالاة، عن لعب مخلب قط لجهات خارجية.
وأعرض هذه النقطة مع خلفية وبحسب تسلسلها الزمني للايضاح.
هناك منشآت نووية ايرانية ستضربها اسرائيل ان لم تضربها الولايات المتحدة (وكان رأي الرئيس الحريري في آخر جلسة لي معه في قريطم انها لن تضرب)، الا ان الذي حدث قبل الضربة العسكرية ان الأميركيين ضربوا على رأسهم في العراق، فنتائج الانتخابات هناك أظهرت لهم خطر الحرية والديموقراطية في الشرق الأوسط على مصالحهم.
كان المنتصر الأكبر في الانتخابات المجلس الأعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة وهما حليفان لايران، حتى لو مارسا كل ما نعرف ويعرفون من "تقيّة"، وبما انهما سيمثلان الثقل الحقيقي في أي حكومة عراقية جديدة، فإن هذه الحكومة ستكون حليفة لإيران، وبالتالي عدوة للولايات المتحدة وعدوة لإسرائيل.
عندما تضرب الولايات المتحدة، أو اسرائيل، المنشآت الايرانية، فسيضرب حزب الله اسرائيل، لذلك هناك مشروع خارجي لنقل الهيجان الشعبي اللبناني الذي رافق جريمة اغتيال رفيق الحريري الى احتقان يتبعه انفجار تستهدف فيه القوى الخارجية حزب الله، فالهجوم عليه سيكون مقدمة لغارات جوية شاملة على المنشآت النووية الايرانية استباقاً لرد حزب الله على هذه الغارات.
كتبت قبل يومين عن حملة وزير خارجية اسرائيل سيلفان شالوم في لندن، وكاتب ليكودي في واشنطن على حزب الله في يوم واحد. ولا أرى الحملة صدفة فعندي ملف كبير لحملات انصار اسرائيل في الولايات المتحدة على حزب الله. وما اتهام سورية، والنار لا تزال تتصاعد من سيارات موكب الرئيس الحريري، بالمسؤولية عن الجريمة سوى جزء من السيناريو الأكبر، فسورية حليفة حزب الله، والاتهام وضعها في قفص الاتهام، وشغلها بالدفاع عن نفسها، لتقليص تدخلها في حال انفجار الوضع في لبنان، والدخول في مواجهة مع حزب الله تمهيداً لغارات على ايران (الرئيس بوش صعّد الحملة في خطابه الأوروبي الاثنين على سورية وايران، الا انه كرر حرفياً فقرة عن مصر والسعودية وردت في خطابه عن حال الاتحاد في الثالث من هذا الشهر).
كان اغتيال رفيق الحريري ضربة على رأس الطائفة السنيّة في لبنان فقد مثل مشروعاً عمره أكثر من عقدين، وبرحيله خلت الساحة من زعيم سني يجمع ابناء طوائف أخرى، فالقيادات السنيّة المجربة والحكيمة شاخت، وقيادات الجيل الجديد غير مجربة. والواقع ان مع غياب رفيق الحريري لم يبق هناك زعيم يستحق لقب الزعامة في لبنان غير السيد حسن نصرالله، غير انني لا أعرف اذا كان يستطيع احتواء الوضع المتفجر الحالي بعد ان اختلطت المعارضة الحقيقية بكل من له قضية ضد سورية، مع بعد دولي تختلط فيه هذه المرة قضايا الانتخابات في العراق، والمنشآت النووية الايرانية، ودور سورية كحليف لإيران وعنصر "غير مساعد" في العراق، ثم حزب الله كحليف آخر مسلح لايران وسورية. في دمشق هناك ادراك لما يدبر، غير ان سورية لن تتخلى عن حزب الله لأنه ولبنان ورقتها الأهم في أي مفاوضات سلام مقبلة مع اسرائيل.
أعرف ان هذا هو الوضع الآن، غير انني لا أعرف هل يسير الاحتقان في طريق الانفجار أو التنفيس، فإذا كانت المعلومات والاستنتاجات والتحليل قادتني الى رسم هذه الصورة، فإنني لا أملك كرة بلورية أرى فيها المستقبل.
ومرة أخرى، المعلومات وتحليلها تقول لي ان المنشآت النووية الايرانية ستضرب، وان حزب الله مستهدف قبلها، ورجائي ألا يصبح لبنان مرة أخرى مسرحاً لحروب الآخرين، خصوصاً عبر كارثة غياب رفيق الحريري، فالرجل عمل لبناء الاستقلال الثاني، ولعل المعارضة تصون الاستقلال الطفل، فهذا أعظم انتصار لرفيق الحريري وذكراه.
جهاد الخازن
صحافي لبناني
الحياة

-------------------------------------------------------------------------

عودة التحالف الفرنسي الأمريكي.. خطأ عربي

بعد لقائهما في بروكسيل، وجه الرئيسان الأمريكي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك تحذيراً شديد اللهجة إلى سوريا وطلبا منها أن تنهي فورا احتلالها للبنان. وشددا على حق الشعب اللبناني في الحرية والسيادة والنظام الديمقراطي الحر.
قبل بضعة أشهر فقط، وتحديدا في العام 2003 وقف الرئيس شيراك خطيبا في البرلمان اللبناني، ورأى أن الوجود السوري كان وجودا شرعيا تمليه المصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين. وان السوريين سيخرجون من لبنان كما دخلوا إليه، بموجب اتفاقية بين حكومتي البلدين من دون ضغوط أو تدخل خارجي. وبما أن الموقف الأمريكي لم يتبدل بل ازداد صلابة وتعنتا بعد احتلال العراق، فلماذا تبدل الموقف الفرنسي من لبنان رأسا على عقب خلال أقل من سنتين؟
حين قررت أمريكا خوض حربها على العراق من خارج الشرعية الدولية المجسدة بالأمم المتحدة، برز تخوف جدي لدى الأنظمة الديمقراطية في العالم، وعلى رأسها فرنسا من أن يؤدي احتلال العراق إلى حريق شامل يطول المنطقة العربية بأكملها ويهدد السلم العالمي.
لفرنسا مصالح كبيرة في العراق. وكانت إلى جانب اليابان، من أكثر الدول تضررا بعدما فقدتا مليارات الدولارات التي تم توظيفها فيه. فبرز تحالف أوروبي بقيادة فرنسا وألمانيا دعا إلى تشكيل جبهة عربية أوروبية لرفض الحرب على العراق، والتمسك بحق الشعب العراقي في تقرير مصيره بنفسه من دون تدخل من الخارج وكان لهذا الموقف أثر إيجابي ومباشر في حركة الشارع في كثير من عواصم العالم التي شهدت مظاهرات حاشدة ضد حرب أمريكا على العراق، وهو ما سمح بانتصار المعارضة الإسبانية وسحب جيشها من العراق.
لكن العرب أضاعوا تلك الفرصة الذهبية لتعزيز علاقاتهم بأوروبا، وخوض معركة مشتركة لوقف الهجوم الأمريكي في المنطقة تمهيدا لعزله ثم إخراج قوات التحالف منها. وتبنوا مواقف ضبابية سمحت للأمريكيين بالمضي قدما في ترسيخ اقدامهم في العراق، والإعلان عن مخطط متكامل أعد بعناية فائقة للمنطقة باسم نظام الشرق الأوسط الكبير، بزعامة أمريكية - “إسرائيلية”.
نشطت الدبلوماسية الأمريكية لمنع تحويل الموقف الفرنسي الألماني إلى سياسة عامة تعرقل المخططات الأمريكية في هذه المنطقة. واتخذت خطوات عملية لمحاصرة زعيمي فرنسا وألمانيا، ثم القيام بهجوم مضاد لإجبار كل منهما على التراجع، والقبول بنتائج تلك الحرب تحت ذريعة أن الأنظمة العربية رحبت بها. وبعد توسيع دائرة الإتحاد الأوروبي الذي بات يضم 25 دولة، تعزز المحور الأمريكي البريطاني الإيطالي على حساب المحور الفرنسي- الألماني. وتلقى المستشار الألماني جيرهارد شرويدر هزيمة قاسية في الانتخابات الإقليمية التي جرت العام 2003.
تبنت الولايات المتحدة دبلوماسية احتواء مواقف القوى الإقليمية المجاورة للعراق، وذلك من طريق الترهيب فقط. ففتحت الملف النووي الإيراني على مصراعيه. وطالبت بإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان، ونزع سلاح “حزب الله”، ومهدت الطريق لمفاوضات التسوية الجارية الآن مع الفلسطينيين، والتي قد تنتهي بنتائج كارثية في ظل الاختلال الكبير في ميزان القوى بين المفاوضين الفلسطيني و”الإسرائيلي”. وراهن الأمريكيون على الشارع العراقي المنهك بحروب استمرت ثلث قرن. فاندفع بقوة نحو الانتخابات التي جرت أخيراً وشاركت فيها نسبة مرتفعة من العراقيين.
أحس الفرنسيون بأن مصالحهم في المشرق العربي قد ضربت بقسوة في العراق. وبرز تهديد أكيد لمصالحهم التاريخية في لبنان بسبب سياسة الوصاية السورية المفروضة عليه منذ أكثر من ربع قرن. وبذلت فرنسا جهودا مضنية، بمشاركة فاعلة من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، للتخفيف من القبضة الاستخباراتية السورية على النظام اللبناني.
لكن تلك الجهود باءت بالفشل. فانفجرت أزمة حادة في لبنان بعدما قررت سوريا التمديد للرئيس إميل لحود لمدة ثلاث سنوات، وبصورة مخالفة للدستور، معطلة إرادة غالبية اللبنانيين. واعتبرت فرنسا والولايات المتحدة ذلك تحديا للإرداة الدولية التي تجلت بالقرار 1559 الذي طالب بانسحاب فوري للقوات السورية من لبنان، وتجريد سلاح “حزب الله” والمخيمات الفلسطينية، وإرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، وإجراء انتخابات حرة في لبنان. إلا أن الإعلان عن مشروع جديد لقانون الانتخاب زاد الأمور سوءا. فإعتبرته المعارضة وحلفاؤها في أوروبا وفرنسا مدخلا لاستمرار السيطرة السورية على لبنان، والإتيان برئيس جديد يضمن بقاءها فيه لسنوات عدة.
وتوترت الأجواء بشكل حاد بعد سلسلة اغتيالات أعقبت قرار التمديد ولم يكشف عن أي من مرتكبيها، ولم يعاقب أي مسؤول لبناني عنها. وقد طالت الوزيرين السابقين النائبين مروان حمادة وباسل فليحان، وأودت بحياة الرئيس رفيق الحريري، وهو صديق حميم للرئيس الفرنسي جاك شيراك، ولكثير من قادة دول العالم.
نخلص إلى القول إن العرب لم يستفيدوا من مرحلة التباعد الواضح بين أوروبا وأمريكا على خلفية حرب العراق. ولم تقدر القوى الحاكمة في سوريا دور فرنسا في المنطقة، ومخاطر تحولها إلى جانب الأمريكيين خشية أن تخسر نفوذها التاريخي في لبنان بعدما خسرت مصالحها الكبيرة في العراق. وما زالت تراهن على فشل الاحتلال الأمريكي للعراق. علما أن أمريكا نجحت في استقطاب نسبة كبيرة من الشارع العراقي إلى المسار الديمقرطي، وتيار عريض من الفلسطينيين إلى مسار المفاوضات بعد التلويح بدولة فلسطينية وصفها بوش في خطبه الأخيرة في أوروبا بأنها باتت قريبة جدا. كما أن سوريا استخفت كثيرا بزخم المعارضة اللبنانية انطلاقا من تقدير سيىء لحجم القوى على الساحة اللبنانية، طالما أن “أنصارها” هم الأكثر عدداً، ويحتلون المراكز الكبرى والفاعلة في دولة لبنانية ينخرها الفساد والإفساد، وترزح تحت 40 مليار دولار من الدين العام، وتستخدم أساليب مرعبة مع خصومها كالقمع، والتصفيات الجسدية، والسيارات المفخخة، لكنها عاجزة عن كشف جرائم متلاحقة على أرض لبنان، واسماء مرتكبيها، ومعاقبة المسؤولين عنها. كما أن سوريا أصمت أذنيها عن سماع المناشدات العقلانية التي أطلقها الرئيسان سليم الحص وحسين الحسيني، وقوى سياسية معتدلة طالبت بفتح حوار جدي بين اللبنانيين قبل انفجار الأزمة.
لقد استفادت الدبلوماسية الأمريكية بدرجة كبيرة من عزلة سوريا، داخل لبنان وفي المحيط الإقليمي والدولي. فنجحت في إعادة العلاقات الأمريكية الفرنسية إلى مجاريها على قاعدة قرار مجلس الأمن 1559 القاضي بإخراج فوري للقوات العسكرية السورية من لبنان، وتجريد “حزب الله” من السلاح، تمهيدا لإجراء انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة في ربيع 2005.
إن هزال الموقف العربي، وعجز الجامعة العربية عن صياغة موقف الحد الأدنى الذي يحافظ على وحدة العرب في الأزمات الكبرى ومنها حرب العراق وأزمة لبنان، كان له الأثر البالغ في نجاح الدبلوماسية الأمريكية في تدجين القوى الديمقراطية الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا. وكان يمكن لتلك القوى أن تقف إلى جانب العرب في مواجهة نزعة عسكرية أمريكية تشكل تهديدا للسلام العالمي. وبات واضحا أن استمرار التوتر على الساحة اللبنانية في ظروف ضعف النظام الإقليمي العربي سيساعد الأمريكيين على تنفيذ مشروعهم الشرق أوسطي ليس في العراق فحسب بل أيضا في سوريا ولبنان وفلسطين. وهناك قوى محلية تراهن بقوة على عودة أنظمة الانتداب والوصاية والحماية الأمريكية والأوروبية. وهي تقود لبنان في المسار المعاكس تماما لمجرى التاريخ، وتهدد وحدته الوطنية، وتنذر بتجدد حرب أهلية مدمرة بين أبنائه.

مسعود ضاهر
ناقد لبناني
الخليج 23/2/2005

-----------------------------------------------------------------------------------------------

حتى لا تضيع سورية إلي الأبد
إنه من دواعي الغبطة والصبر الجميل، أن تسكب الطبقة السياسية السورية، وخاصة المعارضة منها، علي صفحات الصحف ومواقع الإنترنت عصارة أفكارها قلقاً وحيرة ورجماً بالغيب علي مستقبل سورية (شعباً وحضارة ووطناً)، وهي تري الوطن قد أصبح خربة ينعق بها بوم الطغيــان، ويتوثب لافتراسه ابن آوي العدوان.
لقد جنحت المعارضة السورية، علمانية أو إسلامية، إلي الصلح والصبر الجميل تمني نفسها بأن يصلح الطغيان نفسه، ويرجع إلي صوت العقل والضمير، حتي إذا أخذ الصبر الجميل من بعض رموز المعارضة كل مأخذ، وبلغت القلوب الحناجر هلعاً وفزعاً، واستقر الرأي عندهم أن مسرحيات التغيير ثلاث:
أ ـ انقلاب عسكري يعيد سيرة سورية الأولي بعد الاستقلال، وهذا لعمري ليس قسمة ضيزي، فلم تكن مساوئ فترة الانقلابات إلا غيضها من فيض مقارنة بما حل بالبلاد والعباد في كنف الطغيان وصمت القبور وحبور أباطرة الفساد.
ب ـ العصيان المدني وتمرد الإنسان في كينونة الإنسان علي العبودية وقوله (لا) بدون (ولكن)، رافعاً راية الحرية كما رفع الشعب الأوكراني الراية البرتقالية.
إن مقومات هذا العصيان متوفرة وأهمها: التردي الاقتصادي، فدخل العامل من المرتبة الأولي هو 6300 ليرة سورية في الشهر، أي أقل من 100 يورو، وهذا المبلغ يعادل أقل من نصف ثمن الحذاء الإنكليزي الذي يرتديه السيد الرئيس أو نائبه أو وزير داخليته أو خارجيته. أما الخدمات التي تقدمها الدولة للطبقات المسحوقة فأصبح الطب فيها بيطرة والدواء أعشاباً وخشاش الأرض، ومراجعة الدوائر الحكومية سلباً ونهباً، والمثول أمام دوائر الأمن صفعاً وشتماً. أما الجندية فسخرة وإهانة وإذلالاً. ومع هذا وذاك فالنظام في سورية وتبقي آمناً مستقراً سادراً في غيه وطغيانه. لعل من أسباب هذا الاستقرار أن الحياة العلمية والجامعية في كنف الطغيان أصبحت وهماً مستطيراً وجهلاً مستنيراً وسلعة كاسدة فاسدة. وربما أن 35000 من حملة الألقاب العلمية الرفيعة التي صدرها الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية نقلت ثقافة الخنوع والخضوع والفساد والرشوة يرفدها مثل هذا العدد من الضباط وأجهزة القمع التي تدربت هناك، أما أهل الاختصاص من جامعات الغرب الليبرالي فهم أهل الرأي والمشورة عند أهل السلطة في إيجاد ملاذ آمن للأموال المغتصبة في البنوك الغربية. لعل من الأسباب أيضاً أن المؤسسات الدينية مسيحية أو إسلامية، وهي الملاذ الأخير عرفاً وتاريخاً، باتت معابد اقتصادية كما هو الحال عند الهنود والمجوس أو مكة المكرمة قبل البعثة النبوية، تؤول الطغيان وتقبض الأثمان، والخارج عليها أصولي ومارق عن الدين والملة، والغريب أن بعض أهل الحداثة كانوا وما زالوا يشاركون المؤسسة الدينية هذه المعاني النفيسة أو هم متدينون بهذا المعني والمبني. التغيير يحتاج إلي وعي عقلاني وتفاعل وجداني وسياسة حصيفة يجملها القرآن الكريم بالآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءً فلا مرد له ومالهم من دونه من والٍ).
كثيراً ما يستشهد بشطر هذه الآية (إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم) و يسكت عن الشطر الثاني (وإذا أراد الله بقومٍ سوءً فلا مرد له ومالهم من دونه من والٍ). إن دفع السوء يكون بتغيير ما بالأنفس والرجوع إلي الله منبع القيم ومشكاة الخير. قيم الحرية والعدل التي تجعل من الجبان رجلاً ومن الرجل بطلاً ومن البطل أسطورة فيقدم المرء علي قول الحق والصبر علي المكروه، فهذا العز بن عبد السلام يقول لابنه وهو يجد الخطي إلي أمير المماليك ليزجره ويبين له طريق الصواب يا بني لقد استشعرت عزة الله فرأيت الأمير كالقط .
لقد وقف بسمارك 1870يزرع الرعب في قلوب الفرنسيين يقول لهم نحن (الألمان) لا نخشي إلا الله ولا نخشي غيره . إن الوعي العقلاني والتفاعل الوجداني أولي خطوات التغيير. سئل نهرو في الخمسينيات من القرن الماضي عن المجاعة التي ضربت الهند فقال إن المجاعات في الهند كانت أمراً طبيعياً، الجديد أن الهنود بدأوا يشعرون ويعون أن هناك مجاعات ، وكذلك الاستبداد والطغيان فهما قديمان قدم الإنسان علي هذه الأرض: اذهب إلي فرعون إنه طغي ، والتحرر منهما رهن بالوعي المضفي إلي العزيمة لمجابهتهما والتصدي لهما.
لقد وقفت المعارضة السورية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي تحذر الشعب السوري من مغبة الركون وممالأة السلطة المغتصبة لإرادة الأمة، كما فضحت مكرها وارتهانها وبينت ارتهانها بالجوهر وادعاءها بالمظهر للهيمنة العالمية، وقد حذرت من الفساد والتردي الذي ستقود إليه سياسات السلطة، وأمامي أدبيات المعارضة السورية لو نقلتها للقارئ الكريم أو رجع إليها بنفسه لوجد أمامه صورة حية للمعاناة التي يعيشها شعبنا اليوم بكل شرائحه، ولهذا أسمح لنفس القول: أن تردي الحياة المعيشية للشعب السوري سيكون كارثياً بعد سنة واحدة من هذا التاريخ، وستهبط القوة الشرائية لكل شرائح الشعب إلي نصف ما هي عليه اليوم، ليتصور معنا عامل الفئة الأولي الذي يتقاضي اليوم 6300 ليرة سورية أن عليه العيش وعياله بمبلغ 3150 ليرة سورية فقط. هذه صورة المستقبل، وكل ماعدا ذلك هراء وسفسطة ورجم بالغيب.
ج ـ البعض يقول كفاكم توصيفاً وتنظيراً إن التغيير ضرورة والضرورات تبيح المعذورات والأمريكان قاب قوسين أو أدني، فلم هذه المقالة المثالية الحالمة (عدم الاستقواء بالأجنبي) والأمريكان يبحثون عن حلفاء مثل علاوي وطالباني والبرزاني والحكيم والجعفري ...الخ، ولما لم يجدوا في الطبقة السياسية السورية المعارضة من يتعاون معهم جعلوا من الغادري وبعض أصحاب الخصوصيات مطايا لهم، وإذا أزفت الساعة سيسيرون بهم إلي قصر الرئاسة في قاسيون !! أعجبكم أم لم يعجبكم. لهؤلاء الأخوة أقول لو كان الأمريكان يريدون أن يجتثوا رؤوس الطغيان في سورية، ويتركوا الشعب يختار من يمثله بانتخابات عامة وحرة ونزيهة لما وجد من يذرف علي رموز الطغيان وسدنة النظام دمعة واحدة أو يقرأ الفاتحة علي أرواحهم، ولكن كما قال الشاعر: لا يغرنك ما تري من رجال فتحت الضلوع داءً دويا، ولتفصيل الأمر في هذا الشأن أقدم للقارئ الكريم بعض الأمثلة: نشرت صحيفة شترن Stern الألمانــــية في صيف عام 1982 قصة بوليسية أبطالها مســـــؤول سوري، والسيد هلمــوت شميت H.Schmidt مستشار ألمانيا السابق والجنرال المتقاعد شيرر Scherer رئيس المخابرات العسكرية السابق. شكا السيد السفير إلي المستشار تعاظم الإرهاب في سورية وطلب المساعدة في هذا الشأن، فنصحه المستشار بالاتصال بالسيد شيرر، وطلب المساعدة في هذا الشأن، وحسب رواية المجلة أن السيد شيرر قبل العرض وسافر إلي سورية والتقي في دمشق بقادة المخابرات في سورية وقدم إليهما نصائحه الثمينة . أهمها كيفية اختراق وزرع العملاء في صفوف المعارضة. الذي يهمنا في هذا الشأن أن الغرب وأجهزته الأمنية لا يتواني من التعاون مع أعتي الديكتاتوريات في العالم في سبيل مصالحه، لقد كان هذا العرض السخي في الوقت الذي يكتب سفراء الغرب، والسفير الألماني بشكل خاص، عن الانتهاكات الصارخة لحقـــوق الإنســــان وأبسط قواعــــد العدل، ودماء أهـــــل حماة لا تزال تنـــــزف. في شباط (فبــــراير) عام 1990 كنت في زيــــارة رئـــيس تحـــرير جريــدة (دوتشه الجمانيه زونتاك بلات) Deutsche Allgemeine Sonntagbla وأثناء الحديث سألني رئيس تحرير المجلة لماذا يتحرش الرئيس صدام حسين بالكويت؟ فأجبته: الحقيقة ليس لدي أي معلومة أو فكرة عن هذا الشأن، فقال: المعلومات الواردة من هناك تشير أن الرجل ينوي غزو الكويت، ولكن العجيب أن الأمريكان لم يحركوا ساكناً، ولو وضعوا سفينتين حربيتين في ميناء الكويت، وكتيبة مظليين لكانت كافية لردعه عن هذه المغامرة المدمرة، كما فعل عبد الناصر في عام 1960 عندما طالب عبد الكريم قاسم بضم الكويت، وأضاف: يبدو لي أن الأمريكيين يريدون تدمير الدولة العراقية، ومع أن الرجل كان جاداً في كل كلمة قالها إلا أني لم أدرك الجدية في كلامه إلا بعد غزو الكويت. الآن وقد دمرت دولة العراق ثم دولة الصومال التي دعم الغرب والشرق طاغيتها، سياد بري، ولعقود، ثم دمرت دولة الكونغو وأصبحت دويلات طوائف لشركات الذهب والماس والنحاس يمكننا أن نقارن وندرس ونستنبط أبعاد الكوارث التي تنتظرنا كشعوب وبشر خلقها الله لتعيش وأناط بها الأمانة والخلافة.
أنّا التفت تبصر معاول الهدم والمكيدة والعالم سادر في أوهامه وأحلامه. اليوم يكفي لإقناع غالبية الشعوب الغربية بهذه السياسة المدمرة أن تذكرهم بالانفجار السكاني المزعوم وشح الطاقة المهوم- ليسلسوا القيادة أو يلوذوا بالصمت اللعين. الرؤساء والملوك وأهل الفساد روضوا أنفسهم علي الصغار واكتفوا من الغنيمة وعوداً، أن لن تمسهم نار العولمة إذا حملوا المال الحرام الذي اغتصبوه إلي البنوك الأجنبية. لقد سألني أحد الزملاء مستفسراً: هل جاء دور سورية ونحن عنه غافلون؟ لقد دعم النظام المستبد في سورية، كبقية الأنظمة المستبدة في العالم، ولعقود يفعل ما يريد ـ يعذب ويقتل وينتهك ويشرع الشر والعدوان. الغرب اليوم يثور علي التوريث في توغو، وبالأمس أرسل (ميدوزا) شخصياً لتبارك التوريث في سورية. لقد مات كابيلا في الكونغو وورثه كابيلا الابن، وإذا مات القذافي فسيرثه القذافي، وإذا مات مبارك فسيرثه مبارك إلي أن تأزف الساعة علي هذه الدول، وينعق بوم الخراب في أطرافها عند ذلك ما من محيص. المصيبة أنهم، أي الطغاة، يعرفون ذلك ويدفعون بالتي هي أرذل، تنازلات وركوع وانبطاح. لو كانت أمريكا جادة في اخراج قوي الأمن والمخابرات السورية من لبنان لما أستصدرت القرار1559 من مجلس الأمن، وقانون معاقبة سورية من الكونغرس وصبرت شهورا بل سنوات، واكتفت أن تحرك بعض قطعاتها البحرية في مقابل ميناء اللاذقية في الغرب، وتحركت بعض قطع المارينز في الشرق، كما فعلت تركيا في عام 1998 بما عرف بأزمة أوجلان حيث دفعت ببعض الفرق العسكرية علي الحدود السورية، فحصلت علي أوجلان، ومعاهدة أمنية، وأخري تجارية، وتنازل ضمني عن لواء اسكندرون.
يجب أن لا يفهم من هذا أننا ضد تسوية الخلافات وبؤر التوتر مع كل الدول العربية والإسلامية المجاورة وإقامة أفضل العلاقات معها لخدمة شعوب المنطقة، وكلها شعوب فقيرة مثلنا، بل كنا ضد سياسة خلق الخصومات والنزاع التي كانت سياسة معتمدة ومقصودة للنظام لصرف المواطن عن سياسات القهر والإذلال والسلب والنهب لرأس المال الوطني تناغماً مع سياسة الهيمنة الاقتصادية للدول الغربية. إن دولة سورية، وليس السلطة فالسلطة شأن لا يهمنا، تقف اليوم أمام حافة الهاوية، نتيجة لسياسة الطغيان والاستبداد مثلها كالعراق والصومال والكونغو قبيل سقوط الأنظمة المستبدة فيها، وتعنت أنظمتها القمعية التخلي عن السلطة ودعوة الشعب لانتخابات عامة حرة مباشرة. ليتذكر ضباط وجنود الجيش في سورية أن الإدارة الأمريكية أمرت بحل الجيش العراقي كمقدمة لا بد منها لتفكيك الدولة العراقية وتدميرها، كما بيعت أسلحته كخردة. إن سياسة أمريكا تجاه الدولة والمجتمع في سورية، وليس السلطة، عدوانية مبرمجة تهدف إلي إنهاك وزرع القنوط واليأس في نفوس الناس عبر سياسة النظام نفسه التي تبدو للوهلة الأولي وطنية وعبر بعض المقربين للسلطة في لبنان. أمريكا أوعزت لكل الدول العربية أن توقف الشرايين التي كانت تمد السلطة بالحياة، سياسية كانت أم مالية، كما أوصدت كل الأبواب أمام المناورات والتنازلات المغرية التي يقدمها النظام كل يوم بل تدفع به دفعاً إلي التشنجات والعنجهيات المصطنعة بانتظار ساعة الصفر التي تحددها درجة التردي والقنوط واليأس عند معظم شرائح الشعب والقبول بالدبابة الأمريكية أو غيرها وما أكثر الراكبين عندئذ. الكرة الآن في ملعب الطائفة العلوية التي غررت السلطة بها وزرعت بها أوهام وخرافة الاستهداف من قبل الغالبية، وجعلهتا شريكة لجرائم لم تقترفها من سلب ونهب لثروة البلاد.
أمام هؤلاء اليوم فرصة تاريخية ذهبية نادرة لو أحسنوا استغلالها لتمكنا جميعاً أن ننقذ سورية دولة ومجتمعاً وحضارة. إن الجيش لا يستطيع الحركة لأسباب مخابراتية ودولية، كما أن عصر الانقلابات العسكرية ولي، ولكن الجيش يستطيع أن يقوم بدور إيجابي حصيف عندما يحافظ، علي الأقل، علي دوره الأمني والحيادي- أثناء عملية التغيير عندما تتحرك الفعاليات الشعبية كما حدث في أوكرانيا، ولكي تتحرك الفعاليات الشعبية في المدن الرئيسية علي الأقل، دمشق حلب حمص حماة دير الزور السويداء ودرعا، لابد من تحرك اللاذقية وطرطوس وجبلة أولاً كعربون علي تبرؤ الطائفة من الممارسات الاستبدادية التي ارتكبها النظام باسم الطائفة والحزب. لقد انتزع الشعب الأوكراني حريته وكرامته وحافظ علي دولته عبر الثورة البرتقالية السلمية. إن أمريكا تتربص بنا جميعاً وتريد تدمير دولتنا ومجتمعنا وتجعل منه فرقاً وشيعاً يضرب بعضه بعض، وكما أن الاستبداد لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا وأذل رجالنا واستباح حرماتنا وأفسد شبابنا فإن أمريكا ستسفك دمائنا وتشعل الفتنة العمياء فينا. ولدفع الفتنة والحفاظ علي الدولة والمجتمع لا بد من توضيح القصد والهدف بدقة. إن القصد والهدف من التغيير ليس الانتقام ممن مارسوا الطغيان وأفسدوا الحرث والنسل بل إنقاذ الدولة والمجتمع من الاحتلال والتدمير ودفعهما إلي التهلكة والاحتراب، كما حدث في الصومال والعراق، والإنقاذ يبدأ بإقامة انتخابات عامة وحرة ونزيهة تعطي لكل ذي حق حقه وتفضي إلي مجلس نيابي يكون صاحب الولاية ومعبراً عن إرادة الشعب، لتنبثق عنه سلطة تنفيذية تمارس مهامها تحت رقابة ومحاسبة المجلس النيابي والسلطات القضائية المستقلة والصحافة الحرة.
يجب أن تعترف الطبقة السياسية في سورية بتقصيرها في إجلاء وتوضيح الإجراءات واجبة التنفيذ للشعب لتتم العملية الانتخابية مستوفية للشروط والمعايير الدولية لتكون شرعية ومحترمة من الجميع، فالانتخابات العامة والحرة هي الكيل والميزان ولا يستقيم البيع إلا إذا استقام الكيل والميزان. لقد قدمت الانتخابات في العراق ومن قبل في أوكرانيا الدليل الحسي علي أهمية العملية الانتخابية في صناعة الشرعية، ففــــــي كلتي الحالتين كان التزوير والتلفيق يساوي الاغتصاب وأفقد وسيفقد السلطة التنفيذية المنبثقة عنها الشرعية والاحترام الضرورتيين، لهذا أهيــــب بالزملاء من أهل الاختصاص والدراية أن يدلوا بدلوهم ويبينوا أفضل السبل والآليات العملية والمفـــــترضة ليجعلوا من العملية الانتخابية واقعا حســــيا بصائريا مشهودا للعامة والخاصة. ليس مهمـــتنا إعادة اختراع العجلة بل حصافة استعمالها وحسن استخدامها، فالجدل حول العموميات لن ينهي الاستبداد والبديل الحسي خطوة علي طريق الحرية والعدل السياسي والاجتماعي.
عبد الحميد حاج خضر
كاتب من سورية يقيم في المانيا
القدس العربي
----------------------------------------------------------------------------------------
كيف اغتالت سوريا رفيق الحريري؟


من القاتل...؟ هذا هو السؤال الأزلي الأبدي، الذي يلي كل جرائم الإغتيال، او على الأقل اغلبها... وكلما ازداد الجو العام الذي ترتكب فيه الجريمة تعقيداً وغموضاً، كلما تعددت الأطراف التي توجه اليها اصابع الإتهام. فما بالنا بمستوى الغموض والتعقيد الذي ساد على الجو الذي حدثت فيه جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فكان من الطبيعي جداً ان تتعدد الجهات المتهَمة. على الأقل هنالك المتهم الجاهز الذي توجه اليه اصابع الإتهام على كل الأخطاء والمشاكل التي تمر بها المنطقة العربية، اسرائيل التي كادت ان تتحول الى نوع من (ارض الميعاد)، ليرمي عليها الكل بثقل اخطائهم، بل حتى جرائمهم ايضاً. ثم كانت سوريا طرفاً آخر يمكن ان توجه اليها أصابع الإتهام، وكانت الجهات التي تبنت اتهام سوريا على كثرتها، متنوعة ايضاً. كانت آخرها تصريح وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي اعلن فيه عن وجود شبهات كبيرة حول ضلوع سوريا قي عملية الإغتيال. اذن نحن في متاهة معقدة.. الكل يتهم، والكل متهم، وهناك من يتهم غيره لا لسبب، إلاّ لكي يبعد الشبهات عنه هو. ويهيمن السؤال الأزلي الأبدي... ترى من هو القاتل؟
الكل اصبح يطالب بإجراء تحقيق، لكشف القاتل الحقيقي، ولكن المشكلة هي ان لكل طرف تعريفه الخاص لمفهوم التحقيق، وتكاد الأطراف ان تختلف على نوع وحدود وهوية الجهات التي من المفروض ان تقوم بهذه المهمة. لكن الخطأ الكبير الذي يقع فيه الكل واكاد اجزم الكل ودون استثناء، هو انهم يصرون على التعامل مع هذه الجريمة بالأدوات التقليدية التي يتم بها التعامل مع اية جريمة عادية او اية عملية اغتيال سياسية تقليدية، لذلك فإن التحقيقات لا يمكن إلاّ ان تؤدي الى نتائج تقليدية عادية، وهو ما حدث في كل مرة، فكان القصاص في حد ذاته بدلاً من احقاق العدالة، ارتكاب خطيئة انسانية جديدة لتذبح العدالة على مذبح المفاهيم التقليدية الجاهزة البالية وادوات القانون الجنائي العاجزة عن فهم ملابسات الجريمة السياسية التي لها خصوصياتها واحكامها التي تنفرد بها دون غيرها من الجرائم. وللأسف فإن هذا الظلم قد وقع مراراً وتكراراً، وفي اماكن وبقاع متعددة من هذا الكوكب الذي قلما سلمت بقعة منه من الوقوع في فريسة آفة الإغتيالات. مما يحتم علينا التأمل في تساؤلات تفرض نفسها وتطالب كما دم الحريري المغدور بالتحلي بشيئ من الجرأة والصدق ووضوح الرؤية. ترى هل كان من العدل الحكم على (ايغال عامير) لأنه نفذ جريمة اغتيال رجل الحرب والسلام الإسرائيلي ورئيس وزراءها (اسحاق رابين)؟.. ترى هل كان من العدل الحكم على خالد الإسلامبولي و(اخوته) لأنهم اغتالوا الرئيس المصري انور السادات، وهو جالس على عرش ذكريات قرع طبول الحرب في ذلك اليوم المشهود من اكتوبر يستعرض جيوشه التي عبرت خط بارليف الأسطوري؟ ترى بماذا كان يفكر السادات في تلك الحظة الدامية؟ هل كان يتوقع ولو للحظة واحدة ان الجنود الذين عبروا بأمر منه، الحصون المنيعة وقلبوا مفاهيم الهزيمة، هم من سينهون حياته بأوامر من جهات مجهولة غامضة، تخطط في الظلام وتنفذ جرائمها في النور وعلى مرأى العالم ومسمعه؟
ان هذا السيناريو في التعامل مع جرائم الإغتيال السياسية، هو الخطأ بعينه، انهم يتركون الفاعل... القاتل الحقيقي، ويستعرضون قدراتهم القانونية وببراعة بهلوانية عجيبة، ليتشدقوا بتنفيذ العدالة واحقاق الحق على رقاب المساكين الذين شاء سوء حظهم وقدرهم ان يتحولوا الى ادوات لتنفيذ الجريمة، من امثال ايغال عامير وخالد الإسلامبولي وغيرهم كثيرون على مر التاريخ، قديمه وحديثه. العملية اشبه بالقبض على السكينة التي ذبحت بها الضحية، ليسرح القاتل ويمرح، وقد يكون جالساً في قاعة المحكمة ايضاً. العجيب في الأمر هو اننا نصاب بالذهول عند تنفيذ كل عملية اغتيال جديدة وننسى او نتناسى بأن هذه هي النتيجة المنطقية الحتمية لهذه اللعبة العبثية التي يمارسها العالم كل مرة وبغباء وسطحية اشد بكثير من سابقتها. على هذه الخلفية العبثية يطالب دم الحريري بإحقاق الحق وتنفيذ العدالة هذه المرة، والعدالة هنا محكومة بالسير في طريق واحدة لاغير، اذ لاتوجد طرق ومنافذ اخرى، على العالم هذه المرة ان يترك الأدوات والأساليب القانونية والجنائية التقليدية جانباً ويتعامل مع الحالة بقليل من الشجاعة والمنطقية، لأن السير في هذا الطريق التقليدي لن يؤدي إلاّ الى الدخول في المتاهة التقليدية ذاتها. ان هذه الجريمة جريمة سياسية بإمتياز لذلك يجب التعامل معها وفقاً لهذا المنطق. ان الذي قتل الحريري واغتال احلامه واحلام اللبنانيين الوردية الجميلة، ليس ذلك الرجل الملتحي الذي ظهر بعد ساعات قليلة من تنفيذ العملية على شاشة فضائية الجزيرة ليعلن وبكل صلافة، انهم قاموا باغتيال الحريري ثأراً ل(اخوتهم) الذين قضوا على يد (النظام السعودي). قد يكون هو متورطاً في التنفيذ، لا ادري.. فأنا لا املك ادلة جنائية تدينه او تدين غيره، لكنني اجزم بأنه ليس القاتل الحقيقي. والمأساة هو ان الجميع يعرفون القاتل الحقيقي، ولايريدون ادانته. ان القاتل الحقيقي ليس هو ذلك المسكين الذي شاء له سوء حظه العاثر وقدره الدامي ان يقوم بتنفيذ الجريمة مباشرة، ان القاتل واضح... انه تلك الظروف والأجواء والمعادلات التي افرزها احتلال القوات السورية للبنان والإصرار على التدخل في كل صغيرة وكبيرة في الحياة السياسية والإقتصادية، بل وحتى الإجتماعية للبنان. هذه الأجواء التي كانت ستؤدي وبطريقة حتمية الى اغتيال اي رجل كان يمكن ان يتصف ببعض من صفات الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لذا يجب على العالم ان يتجنب النفاق هذه المرة، عليه ان يحاكم القاتل الحقيقي. ان العالم اخطأ عندما حاكم ايغال عامير وترك الجهات الحقيقية التي اغتالت رابين.. وكذلك كانت الخطيئة في محاكمة الإسلامبولي وترك القاتل الحقيقي يسرح ويمرح. ان القصد من هذا الكلام ليس تبرئة القتلة الذين قاموا بتنفيذ الجريمة مباشرة، ولكن من الإجحاف الإكتفاء بمعقابة هؤلاء وترك الجناة الحقيقيين.
على هذه الخلفية يجب ان تكون العقوبة ايضاً غير عادية وكذلك غير تقليدية، ويجب ان يساق النظام السوري الى العدالة، اذ انه هو الجاني والمتسبب الحقيقي في هذه الجريمة، وبغض النظر عن الذي قام بتنفيذ العملية وكذلك هويته فإن الجاني الحقيقي هو جملة الظروف والأجواء التي افرزها الإحتلال السوري لأراضي دولة لبنان. على ان العقوبة العادلة التي على العالم ان يفرضها على النظام السوري نتيجة اقترافه لهذه الجريمة، يجب ان يطال النظام السوري وحده، ويجب ان يتم استبعاد الشعب السوري بالكامل، ويجب ان يتم التعامل مع الشعب السوري على انه هو الضحية، وليس من العدل ان يحمّل نتائج جرائم ارتكبها النظام السوري، بل ان احقاق الحق وتنفيذ العدالة تحتم ان يكون الشعب السوري المنكوب من ضمن الضحايا الذين يجب العمل على انصافهم

سردار عبدالله
إيلاف
----------------------------------------------------------------------------------------

اقتباسات من كلمة بوش بشأن الشرق الاوسط
فيما يلي اقتباسات خاصة بالشرق الاوسط من الكلمة التي ألقاها الرئيس الامريكي جورج بوش في بروكسل يوم الاثنين ..
-بشأن مساهمة اسرائيل في السعي لإقامة دولة فلسطينية..
"ان قيام ديمقراطية فلسطينية ناجحة يجب أن يكون في مقدمة أهداف اسرائيل أيضا. وبالتالي يجب على اسرائيل تجميد النشاط الاستيطاني ومساعدة الفلسطينيين على بناء اقتصاد مزدهر وضمان ان تكون الدولة الفلسطينية الجديدة قابلة للحياة حقا وذات أراض متصلة في الضفة الغربية. فأي دولة تتناثر اراضيها لن تنجح."
-بشأن مؤتمر يعقد في لندن في الشهر المقبل حول الاصلاح الفلسطيني..
"لدى الرئيس (الفلسطيني محمود) عباس فرصة لطرح استراتيجية للاصلاح يمكن أن تفوز بدعم المجتمع الدولي وسوف تفوز به بما في ذلك الدعم المالي. وامل أن ينتهز الفرصة."
-عن المملكة العربية السعودية ومصر..
"في حين يجب أن تتسم توقعاتنا بالواقعية فان مثلنا يجب أن تكون قوية وينبغي أن تكون واضحة. ويجب أن نتوقع معايير أعلى من أصدقائنا وشركائنا في الشرق الاوسط. وبوسع حكومة المملكة العربية السعودية أن تبرز دورها القيادي في المنطقة بتوسيع دور شعبها في تقرير مستقبله. ويستطيع شعب مصر العظيم والابي الذي قاد الطريق نحو السلام في الشرق الاوسط أن يقود الطريق الان نحو الديمقراطية في الشرق الاوسط."
-بشأن سيطرة سوريا على لبنان..
"مثلما يجب على النظام السوري أن يتخذ اجراء اكثر فعالية لإيقاف من يدعمون العنف والتخريب في العراق وأن ينهي دعمه لجماعات ارهابية تسعى لتقويض الامل في السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين فمن الواجب على سوريا ايضا أن تنهي احتلالها للبنان."
-عن العراق..
"شارك بعض الاوروبيين في القتال من أجل تحرير العراق في حين لم يشارك الاخرون. لكننا كلنا نميز الشجاعة عندما نراها. وقد رأيناها لدى الشعب العراقي. ولكل الامم الان مصلحة في نجاح عراق حر وديمقراطي يحارب الارهاب ويكون منارة للحرية ويكون مصدرا للاستقرار في المنطقة. وفي الاشهر القادمة ستقوم الجمعية (الوطنية) المنتخبة حديثا بعمل مهم هو اقامة حكومة وتوفير الامن وتعزيز الخدمات الاساسية وصياغة دستور ديمقراطي. وحان الوقت الان كي تقدم الديمقراطيات الراسخة عونا سياسيا واقتصاديا وأمنيا ملموسا لاحدث ديمقراطية في العالم."
-بشأن ايران..
"في ايران يشترك العالم الحر في هدف واحد. فمن أجل السلام يجب على النظام الايراني أن ينهي دعمه للارهاب ويجب ألا يطور أسلحة نووية. وفيما يتعلق بضمان أمن الامم الحرة لا يمكن استبعاد أي خيار بصفة دائمة. لكن ايران تختلف عن العراق. ونحن في المراحل الاولى من العمل الدبلوماسي. والولايات المتحدة عضو في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي لعب الدور القيادي في هذه المسالة. ونحن نعمل في تعاون وثيق مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا باعتبارها تعارض طموحات ايران النووية وتصر على ان تلتزم طهران بالقانون الدولي. ونتائج هذا الاسلوب تتوقف الى حد كبير الان على ايران."

بروكسل (رويترز) -
أخبار الشرق : لندن

-----------------------------------------------------------------------------------------------

الوحدة:
المأزق البنيوي لحوامل التغيير القومي

ربما يكون من المفيد أو المفرح التذكير بأن إعلان الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 وقيام دولة الوحدة ، وفق مفهوم العروبة ومقومات وحدة العرب التاريخية واللغوية والاقتصادية الاجتماعية بما انبثق عنها من تعارف لشعوبها ورغبة في إقامة مجتمع واحد لها وأمة واحدة وقومية واحدة، كانت بمثابة انتصار لحركة الشعوب العربية بقيادة طلائعها في مواجهة أعدائها، وبالوقت ذاته إفلاسا لمشروع دولة التجزئة وحكوماتها التي أقامتها إدارات الدول الاستعمارية آنذاك في المنطقة استمرارا لتقاسم النفوذ فيما بينها، وأداة مضمونة لتنفيذ مخططاتها اللاحقة في نهب الشعوب.



واذا كانت الإدارة الوظيفية للدول القطرية المقامة( البيروقراطية) ومن يلتحق بها من المتعلمين والمثقفين، قد ظهرت بمثابة طلائع التغيير كفئات مجتمعية ممسكة بالدولة تشعر بالغبن من وضعها آنذاك وقد طالها الأذى من نتائج انتكاس أداء الطبقة المتبوعة السيدة – تحالف الإقطاع والرأسمال- وتراجعه وفق ظروفه الى اللاعودة، فان ما طرأ من متغيرات على الساحة الدولية قد ساعد أيضا لأن تجد بعض هذه الشرائح الوظيفية ذاتها على رأس الدولة وفي مواجهة متطلبات قيادتها دون برامج أو رؤى.



ذلك لكون هذه الطبقة بحسب ظروف تكونها ونشوئها من رحم الدولة القديمة، لم تكن لتمتلك صفة اقتصادية أو نمطية إنتاجية، فهي ليست معنية باستمرار تطوير الظروف لارتقاء الفئات الأخرى إلا بما يتلاءم مع شروطها، كطبقة تابعة كانت تعيش في المؤسسات على حساب الدولة وفي خدمة جميع الطبقات المنتجة، وقد وجدت ذاتها في مأزق حكم دولة لا معنى لها إذ لا سيد لها، ولا برامج، أو أهداف وليست سوى سلة ثروات ومعين لا ينضب للبحبوحة والإثراء لأفرادها خارج رقابة القانون. أو الالتزام بقيادة الدولة لصالح الشعب، وبما أن هذه الطبقة في تجربة تاريخها الوظيفي مناط بها احترام شكلية الدولة وتنفيذ قوانينها لصالح الطبقات السيدة كانت تضمر عداء خفيا أو ظاهرا وعدم احترام للشعب مستمدا من نمطية عقليتها المتوارثة الفوقية بما يخولها ذلك استغلاله وامتهانه.



لذا نرى تذبذبها وانقسامها التضادي بين شرائحها، أكان في مواقف الالتزام بالشعب، أو العودة الى تسليم الأمور للطبقات المزاحة أو امتلاك الدولة لحسابها.



وأمام تنازع وفوضى هذه المواقف التي صاحبت مسيرتها، واتجاهات التنابذ والتقابل الاقصائي فيما بينها للاستئثار بالسلطة لاغتصاب الوطن، ومن ثم بين من صار على رأسها ومن بقي خارجها. غالبا ما كان يسهل على الإدارات الغربية ممثلة الرأسمال الاستثماري العالمي تجنيد عملاء لها من هذه الطبقة باغراءات مختلفة، والى أن تلجأ أيضا هذه حتى الى تلميع أفراد منها قابلين للخيانة لتضعهم في موضع القيادة الكاذبة للالتفاف لاحقا بما يتضاد مع مصالح شعوبهم، وكان لوجود مصالح متضررة لقوى خارج الحدود- من قيام الوحدة وتوجهات قيادتها التحريرية الشعبية آنذاك- لم تتوانى عن بث إشاراتها الإيحائية المشجعة أو الداعمة، علاقة في التحرك الداخلي المضاد، وفي تواجد بعض الشراذم المتعاونة لإسقاط تلك الوحدة.



ومع الفارق الزمني وتغيّر المعطيات-الأسباب والنتائج- لم يكن ما حدث في العراق بعيدا في الجوهر عن هذه الآلية وعن هذه التناحرات النخبوية غير المسؤولة الدافعة ببعض الشرائح العربية منها في المنطقة للتخلي عن الوطن أمام المكاسب، لإسقاط تطلعات الجماهير العربية لامتلاك ثرواتها والتقدم.



في غياب الظروف الموضوعية لنشوء الدولة الحديثة وفق المنظور الغربي في المنطقة العربية، واستمرار تركيبتها البنيوية ضمن الموروث السلطاني في إطار الدولة المركزية حيث تستحيل النواظم الديمقراطية، لذا فان ما يظهر على السطح من صراع محتدم، يتخندق مع الوطن أو ضده، لا يمكن إدراجه في أي حال ضمن التجاذبات السياسية ذات النوايا الحسنة التي تنشأ عادة بين شرائح الوطن الاجتماعية الاقتصادية المختلفة أو الطبقات ذات المصلحة بما هو أفضل للوطن.



إنما هو صراع بين النخب يتناول الغاء أو بقاء وجود الوطن ذاته، وبما أن هذا ليس بجديد في المنطقة، وقد اتخذ في مسيرته أشكالا متعددة غامضة ضمن الموروث العثماني، فان هذا يقضي بإعادة النظر لإزالة اللبس في المواقف اتجاه نخب الاصلاح والإصلاحيين العرب والأتراك وغيرهم في حينه، إن كانوا قد تقصدوا بما طرحوه من أفكار وآراء تطبيع الدولة العثمانية مع نموذج إدارة الغرب الناهض بغية تحديثها أم فتح أسواقها وإخضاعها، خاصة وقد شغلت توجهات هؤلاء حيزا مهما في الفكر التنويري على مدى زمني، لم تمنع نتائجها السلبية في إفلاس الدولة السلطانية وانهيارها، من أن تستتبع خطاها النخب اللاحقة.



وإذا كانت هذه النخب في بناها الفكرية والوظيفية التابعة قد انقسمت بين الموالاة للسلطان، أو الموالاة للغرب زمنها حسب طموحها وقربها من مركز القرار أو بعدها عنه، فان سلالاتها كشرائح تابعة لجهاز الدولة، حيث تنتفي صفتها -كذات نفع- خارج السلطة الحاكمة، فإنها تبعا لنمطيتها وتقليدها المتوارث، تغادر الدولة في ظل ارتخاءات السلطة وانحسار ثروة الدولة وقدرتها على توزيع النفع العام، الى منابع سلطانية ممكنة تضمن الكسب والثروة، كما نلحظ انقسام هذه النخب في الوضع الدولتي الجديد بما ليس له علاقة في الوطن بين الموالاة لمن كان منها له نصيب في حظوة السلطات الحاكمة واقتسام الثروة بما يلحق به من ضرورة الدفاع عن بقاء الوطن، أو الى العداء لمن بقي خارجها.



بما يعني هذا بقاء معظم هذه النخب على اختلافها تاريخيا، على حافة الطبقات الشعبية المنتجة - في اعتبارها كموضوع نهب لها- تنتظر دورها السلطوي عبر الموالاة للسلطات القائمة أو باستعدائها للبحث عن فرصة للمشاركة في اغتصاب الوطن، بما يفهم منه، أن تحرك بعضها- الحالي- المعادي للنخب السلطوية وان اتخذ شعارات لها وقعها واغراءاتها لا علاقة له بمصلحة الوطن وشعبه، بما يرشحها هذا في حال إفلاسها الى الاستقواء بالقوى الأجنبية لاستدخالها كما حدث في العراق.



وعليه لا يمكن الاتكاء على اتهام هذه النخب المتضادة مع العروبة وحركة الشعب بالغباء أو الطفولة السياسية، حيث يعمد أفرادها على بتر التاريخ، واجتزاء الجغرافيا، وخربطة العقائد الدينية ومذاهبها، وانتقاء ما يناسب من تجارب الأمم وحركات الشعوب، ليصيغوا مناظيما فكرية ملفقة متخيلة يضحكون بها على شعوبهم، ويرضون أنفسهم، وهم إذ يسوقون مقدمات بخبث ظاهر أو غباء تتناقض في منطقها مع النتائج، إنما يقدمون أنفسهم كنخب متغربة، مقطوعة الجذور عن أرضها وشعوبها شديدة العداء لها مرفوضة حتى من عالم تغربها، غير منتمية إلا لمصالحها النفعية، مغلقة البصر والبصيرة لا عقل لها في سعيها لقلب الحقائق والثوابت، فأسباب احتلال العراق واحتراقه مثلا: هو انتماؤه العروبي وفق منظورها، وبما أنتجه هذا الانتماء من طموح للتقدم أدى الى تخلف واستبداد، لا أطماع الرأسمال الاستثماري العالي ومخططاته التآمرية، وهم في النتيجة ليسوا بأفضل من غلاة العقل السلفي المتحجّر الذين يقدمون جمود الحرف على رؤية العقل، والى إرجاع الأسباب في كل ما يصيب الأرض والإنسان الى الغيب أو الشيطان دون برهان.



وهكذا فان غياب الموضوعية والبحث العلمي لتاريخ الجماعات موضوع المقارنة، والكسل الذهني المزمن الذي عمل على تسطيح العقل وارتداده الى عقد الفكر التآمري، والمنطق الذرائعي في مواجهة المعضلات، يقود الى انطباع لم يزل يتأكد عن وحدة في الأصول والنمطية والغايات بين هذه النخب، وأن لا فرق جوهري بينها، وأن ما يظهر بينها أحيانا من تقابل خلافي عنيف أو هاديْ حول مصلحة الجماعة، ليس بالحقيقة سوى اختلاف في استخدام مرادفات للمفردات. وهذا ما يجعل من تعدد صيغ إجاباتها عن سؤال في أسباب تردّي حالة الأمة؟ واحدا .! في اتفاقها مثلا- بحسب تكوينها الخانع والمتهرب- على إرجاع السبب الى الضحية، أي الى العروبة: هوية الشعوب المستهدفة وفكر تجديدها.



وقد ترتب على ذلك معاناة مرهقة – حروب وحصار واستدخال الفتن والمؤامرات- أوقفت تقدم الوطن واستباحته، وهذه لم تزل تساهم في إحداثها هذه النخب المصابة بداء التغرب في كيدية تستجرها من زمن السلطنة القديمة المندثرة، الى الحديثة المتجددة، فالتقدم كما يأمل البعض في الوطن ، لا يأتي من فراغ، لا يسقط بفعل السحر من السماء، وليس في حقيقته سوى فعل بناء وفق أسس علمية ومناهج بحثية ، وجهد من الأبناء في توفير أجواء التقدم وأسبابه بما يقتضي ذلك من رؤية متعمقة لمجريات السياسة العالمية وأهدافها وفعل تحريري لما اغتصب ، والدفاع عن أراض الوطن وشعوبه ومكتسباته ضد أعدائه داخل حدوده وخارجها، وليس بالأمنيات.



إذن مع ضمور الرؤية المصاحب لتكّون هذه النخب المتغربة واستفحال نتائجه في الوطن، تتشكل مآزقها، ويتعمق افتراقا لها مع مصالح القوى الشعبية المنتجة المرتبطة بالوطن ، فهي في إطار انغلاقها على الموروث المنتج لها (مفاهيم الدولة السلطانية) تنظر الى الشعب والوطن – كمادة نهب- يرتبطان استثمارا وإنتاجا بالطبقة ذات المصلحة( الإقطاع السلطاني والدولة) وهي في حال الدول المقتطعة من الدولة العثمانية لم تطور موقفها كما لم تغير موقعها التابع، رغم الفرص التي سنحت لها من خلال حاجة الدولة الحديثة المركزية الى توسيع قاعدة استخدامها وبالتالي الى امتدادها في مؤسسات الدولة وأجهزتها وكافة نواحي المجتمع.،لذا فمع بوادر تحلل الطبقة الحاكمة لتلك الدول وحاشيتها، كانت تتحول تبعية هذه النخب، ومن المنطقي أن ترى هذه في القوى الخارجية ومخططاتها الاقتصادية والاستثمارية والعسكرية الطبقة الجديدة ذات المصلحة- السيدة- التي يتوجب عليها خدمتها.



وعليه تصبح الطوائفية، والمذهبية، والعشائرية، والانتماءات العرقية ذرائعا لاستقطاع الوطن،والاختباء خلفها والى استخدامها كأدوات تقدم بها نفسها، كخادمة صالحة للطبقة الجديدة وحاشيتها، وفي هذه الحالة القوى الخارجية الرأسمالية الاستثمارية المتمثلة بإداراتها الأورو أمريكية. لذا فمن الطبيعي أن نرى هذا التذبذب الواضح في مواقف هذه النخب المستبرقة إعلاميا من الإجراءات الاقتراعية التي حصلت في العراق تحت سطوة قوى القمع والإرهاب الاحتلالي، التي تقضي في مضمونها شرعية دخول قوى الاحتلال ، واحلال شرعية الاحتلال المزيفة، عوضا عن شرعية وجود دولة العراق.



وبينما القوى الوطنية الحقيقية لم تزل تلتزم بالموقف المقاوم الرافض انطلاقا من منظور مصلحتها المرتبط بأوطانها وآفاق مستقبلها، يلحظ تعدد مواقف هذه النخب المتغربة- رغم وفرة ادعاءاتها الوطنية- المتراوحة بين الداعم لهذه الإجراءات ممن استقدمت ودربت من قبل قوى الاحتلال لتنفيذ مخططاته، وبين المترقب الى صيغة توافقية مع الاحتلال كطبقة سيدة أو من ينوب عنه في الحصول على نصائب لها من نهب الوطن، دون الالتفات الى مصلحة الوطن العراقي وطموحات أبنائه في إقامة دولتهم المستقبلية الحرة السيدة الناهضة.



ولقد كان للتحولات الاقتصادية السياسية التي شهدها العالم أعقاب الحرب الثانية، والتبدلات الحاصلة في موازين القوى العالمية، نتائج سلبية على الطبقات الإقطاعية والرأسمالية وأنماطها السيادية، المتوارثة للنظام الاقتصادي الاجتماعي والسياسي للدولة العثمانية الآفلة أدى بها الى طريق مسدود والى انهيارها وإفلاسها أمام شعوبها في سنوات الخمسينات من القرن الماضي، لصالح قوى نخبوية صاعدة تعزز دورها وتوسعت في مؤسسات الدولة مع نشوء الدولة القطرية، التي كانت قد أسستها السلطات المنتدبة أو المحتلة بغاية خدمتها أثناء وجودها الاحتلالي أو لاحقا له، وقد أتاح هذا أمام النخب القابضة على الدولة ومؤسساتها بما فيها تفرعاتها من الأحزاب السياسية الطامحة ، الى الانفراد بالدولة عبر تحالفها مع الشعب والامساك بسلطاتها بقيادة أقدر شرائحها وطنية ووعيا وامكانية ونفوذا من عناصر القوات المسلحة.



ومع تعدد الأحداث الانقلابية في الدول العربية القطرية أعقاب نكبة فلسطين تعبيرا عن الاحتجاج لما كان قائما، أو تنفيسا له، أو سعيا لاحكام سيطرة القوى القديمة أمام مآزق أزماتها. وأيضا بالرغم من الحراك السياسي النشط التي تصدت له النخب الناهضة زمنها عبر أحزابها وقواها في أوساط الجماهير، آلا أنها في معظمها لم تتخطى الواقع الذي كان قائما الى الثورة.



وكاستثناء لما سبق برزت القيادة العسكرية المصرية- كنخبة متميزة مؤمنة بقضية تحرر شعبها ونهوضه- إذ كانت هذه من أقدرها وأبعدها رؤية ووعيا وحيوية، تجلى هذا في توجهاتها القومية العروبية التحريرية والتقدمية، وفي نوعية ارتباطاتها بالنخب المتماثلة معها في باقي الأقطار العربية، وفي دعم سعيها الى تنحية هيئات الحكم القديمة وارتباطاتها المستنفذة أغراضها في بلدانها، وإسقاط التجزئة المفتعلة كموضوع تفرقة واضعاف للأمة والى إقامة دولة الوحدة العربية منطلقا لقوتها، وأيضا في سعيها لاحقا الى تحقيق مشروعها في إقامة دولة عصرية، والتي أثمرت هذه التوجهات والتحالفات مع القوى السياسية الشعبية العربية الصاعدة وامتداداتها في سوريا الى تحقيق وحدة عام 58 وسط ابتهاج وفرح غمر الشعوب العربية، وشعوب عواصم العالم لمضطهدة التائقة الى التحرر.



وقد صاحب هذا الحدث الوحدوي بما تضمنت معانيه حماس جماهيري فعّل النضال السياسي للشعوب العربية وأحزابها وكتّل القوى الحية حول قيادات سياسية وحدوية تغييرية في بقية البلاد العربية وخاصة في العراق أثمرت عن تفجّر ثورتها في تموز عام1958 ضد الملكية الرجعية المرتبطة بالمخططات الاستعمارية، وفي لبنان والجزائر واليمن وغيرها من الأقطار العربية.



وكان لتحالف هذه النخب مع الجماهير وطرح ذاتها بديلا قياديا عن أفراد الطبقات الرجعية القديمة المستنفذة من أجل تقدم المجتمع من أن يدفعها هذا الى الالتفات إلي هذه الجماهير لأجل إنهاض مجتمعي مرتقب عبر رفع كفاءاتها، وذلك بالتخطيط لتقديم خدمات ضرورية لها من تعليم وصحة ورفع لمستوى معيشتها، وهي ضرورية لتماسك الدولة المستحدثة وتقدمها وقوتها، إلا أن هذه القيادات النخبوية الجديدة في سعيها الى إقامة مشروعها النهضوي، لم تستطع أن تخرج من مفاهيم طبيعة مهامها الوظيفية في الدولة القديمة، كشرائح غير منتجة ترتبط بجهاز الدولة الحاكم ،ولا تمتلك نمطية إنتاجية، وبالتالي الى أن تتحدد رؤيتها والى أن تنفتح آفاقها فقط الى تعزيز سلطوية الدولة كأداة إنتاج، بعد تدميج دولتها المقامة في ظل النخبوية المؤمنة بالشعب كمنتج حقيقي وحيد.

وبما أن هذه النخب كطبقة( بيروقراطية) لا يمكن أن تنتج غير ذاتها ومواصفاتها ونمطية أداءها الموروث، لذا كان اتهام البعض للسلطات التي حكمت وقادت الأنظمة المقامة بالبورجوازية الصغيرة،، والعودة بالتالي الى مفهوم الصراع الطبقي والى قيادة المجتمع من قبل الطبقة الفقيرة ( البروليتاريا) في مجتمع لا طبقات حقيقية فيه لم يقوّم الموقف، إنما قد زاد الأمر سوءا ، ففي الوقت التي كانت الدولة المقامة الحديثة تعاظم من تواجد ودور هذه النخب المطلوب إقصاؤها، فان هذه النخب ذاتها كانت قد غدت واقعا هي الحاملة الوحيدة للتغيير ولم تزل، وكانت تنحدر هذه في المقابل عبر مآزق مفاهيمها الوظيفية في بناء الدولة ودورها ونمطية أداءها الإنتاجي الى استنزاف الدولة.



ورغم أهمية المتغيرات الدولية الحاصلة في النصف الثاني من القرن العشرين كعامل ساعد في تأزيم أوضاع المنطقة والقوى التقليدية الحاكمة الموضّعة والمستنفذة من قبل دوائر النفوذ الاستعمارية، وفضح عجزها في إقامة مشروع دولة وطنية أمام شعوبها، بما أفسحت هذه من مجال لصعود قوى التغيير النخبوية المشار إليها، المتمثلة بالشرائح الوظيفية التي كانت تشكل جسم الدولة، واصطفافات من القوى السياسية المنضوية في إطار مطلبيه هذه الشرائح، فان عواملا أخرى - داخلية تتعلق في بنيتها وأيضا خارجية- أجهضت مسار هذه النخب الجديدة وجهودها في مشروع بناء مجتمعها القومي المأمول.



في البداية مع هيمنة النخب الطهرانية المؤمنة مثال – قيادة عبد الناصر- كان الوضع مضمونا عبر السيطرة على أجهزة الدولة ، وفي تحليلها المبسط كان نقل أداة الدولة – جهازها الوظيفي- من خدمة الطبقات القديمة المتحالفة مع الاستعمار الى خدمة الشعب كافيا لتحقيق أهداف الثورة ، كما يمكن تجاوز أزمان التخلف بنقل التكنولوجيا الحديثة والمصانع من الدول المتقدمة، وتدريب سواعد شباب الوطن على استخدامها كافيا أيضا لتحقيق التقدم الاقتصادي وتطور المجتمع، كانت أحلاما وآفاقا زاهية تتراءى لهذه النخب وشعوبها، إلا أن سعي هذه النخب الى استخدام الدولة وجهازها الوظيفي أسير نمطيته في إنجاز مشروعها قد أفضى الى هرمية اقتصادية مقلوبة يستنزف فيها المنتج كل تكاليف الإنتاج والرأسمال، والى هرمية في السلطة والدولة منضبطة قوية لم تألفها الدولة القديمة ، والى استبدال الاقطاعات الزراعية باقطاعات حداثية من نوع جديد - مؤسسات ومصانع وجمعيات - مقبوض عليها ويقودها ثوريون من أبناء الشعب مقربّون من قمة الهرم السلطوي الاقتصادي الاجتماعي- القيادة أو الحاشية- مركز القرار.



كما اتضح بأن مفهوم ملكية الشعب للدولة عبر تنظيمها المنتخب المتمثل بقيادتها، ليس دقيقا أو صحيحا وذلك بما يمكن أن تسمح به الانتخابات مع طفولة الوعي السياسي وزئبقيته في تسرب انتهازيين ومتكسبين وسماسرة للوطن ولصوص، الى دائرة القرار باسم الشعب، والى إكساب السلطة الشرعية القانونية لاستخدام الملكية العامة، والى اضطرار القيادة الى الاعتماد على الأجهزة الأمنية، والى توسيع مهامها مع توسع مصالح الدولة واهتماماتها لضبط الأمور. وبالتالي الى دفع النخب القيادية للتحول الى طبقة حاكمة لها مواصفات السلطانية السابقة، بما فيها حاشيتها، تمارس قيم وسلوك الطبقات القديمة مقابل الشعب، بدعوى الدفاع عن ذاتها كمركز القرار، أو تخديم الدولة وإمكاناتها إنفاذا لمخططات تعتقد بأنها في مصلحة الشعب. ومع تحول شرعية النخبة من قانون مهام ثورة البناء والتغيير الى شرعية قانون السلطة، تمتلك كلية السلطة الهادمة للدولة، بامتلاك أجهزة السلطة القمعية ومؤسساتها الاقتصادية المتعاظمة.



وكان لغياب القوى الإنتاجية التقليدية ( الرأسمالية والإقطاع) بما يفترض بها كناهضة بالمجتمع والدولة ، وانقلاب أشباهها في الدولة القطرية الى شرائح مستنفذة ومبتزة، لإنتاجية الطبقات الشعبية وتراجعها، نتائج أدت الى دفع الطبقة الوظيفية ومن ضمنها النخب عبر تحالفها مع الشعب الى إسقاط سلطة هذه الطبقات واقامة سلطة الشعب.



كما أن اتجاهات تحول سلطة الدولة من شعبية الى مركزية- أغلق دائرة الدولة على النخب- باستجرار شكل الدولة السلطانية ومفهومها، كنتيجة طبيعية لانعدام بنية الدولة الحديثة ومفهومها، وكان من جراء ذلك تسلط شرائح من هذه الطبقة الوظيفية على الدولة ومع ظهور فرص الانتفاع والتكسب والمصالح المرتبطة ببقاء سلطتها – كحالة مضمرة أو معلنة- الى نشوء عقلية احتكار السلطة وسياسة الإقصاء والحرمان.



وعوضا عن البحث في مجالات لتطوير الإنتاجية خارج وظيفة الدولة، نشأت حالة الاعتياش بالسطو على الدولة، وانغلقت هذه النخب ضمن أطر إنتاجية الدولة مما أدى الى فقدان روح المبادرة والابتكار وجمود هذه الإنتاجية وتآكلها وهدرها لجهد قوة العمل، وضمن عقلية صراع هذه النخب على المغانم، بما ينجم عنه تحول الدولة الى ساحة لهذا الصراع وموضوعه، وإلى التسابق بينها على تفكيك الدولة وبيعها بعد انهيار طموحها في مشروع إقامة دولة متقدمة محررة.



وتدريجيا مع غياب القيادة النخبوية الطهرانية، وغياب طلائع التغيير، وغموض الرؤية، بالإضافة الى فقدان هذه الطبقة الوظيفية، النمطية الاقتصادية المنتجة، لاستحداث وابتكار مجالات وآليات تطور إنتاجي واقتصادي قد أوقعها في عثرات، والدخول الى حالة الجمود واستهلاك ذاتها ، ومن ثم الى أن تنزلق الدولة للوقوع في الفخ الرأسمالي العالمي والى اضطرار سلطاتها الى تحويل الدولة بما فيها الى موضوع استثمار، والى جعلها أسواق مفتوحة لهذا الرأسمال، وبالتالي تحول سلطتها وإداراتها من السيادة الى الوساطة بين وطن مستهلك ورأسمال عالمي مستثمر تتسلل عبره اغراءات لاثراء غير مشروع، ومن ثم الى مشاركة بعض إداراتها مباشرة أو عبر واجهات اقتصادية معتمدة من قبلها في أصول الرأسمال العالمي المدفوع، بما يؤدي هذا أخيرا الى استنزاف الدولة وانهيارها، والى دخولها كمنطقة تابعة فاقدة السيادة في نظام العولمة

سليم نقولا محسن
كنعان النشرة الألكترونية
السنة الخامسة ـ العدد 567 23 شباط (فبراير) 2005

-----------------------------------------------------------------------------------------------

الأقليات في فلسطين
الجزء الأول
يطلق على العرب في دولة الكيان الصهيوني اسم الجالية العربية، ويعتبرون كمواطنين في الدرجة الثانية أو بمثابة "طابور خامس" والمراقب لأوضاع العرب يجد دون عناء أن السلطات الإسرائيلية

قد وضعت خطة مدروسة للقضاء على هذه الأقلية وأنها تتخذ في هذا السبيل مختلف الوسائل التي ترمي إلى إذلالهم وتشتيتهم و إفقارهم و تحويلهم إلى مجموعة من العمال العاطلين الموزعين في عدد من المدن والمحرومين من الحقوق المدنية الكاملة و التنظيم الفعال بغية إبقائهم في مستوى ثقافي و اجتماعي و اقتصادي منخفض.
ومنذ قيام إسرائيل حتى الآن يعاني العرب هناك أفظع ألوان الاضطهاد وسياسة التمييز العنصري ويعيشون في جو من الرعب والتنكيل وتطبق عليهم سياسة الإهمال والإفقار و انتزاع الأراضي نتيجة لمجموعة من القوانين والأنظمة الجائرة التي تصدرها السلطات الإسرائيلية، وحتى المسؤولون الصهيونيون لا يستطيعون أحياناً إنكار هذه الحقيقة.

وكل عربي في إسرائيل يجرؤ على المطالبة أو على رفع صوته لإزالة الاضطهاد عنها و عن إخوانه العرب يتهم عادة بأنه "عدو الدولة" فتفرض عليه رقابة شديدة ويصلت عليه سيف الانتقام فيطرد من عمله أو ينفى من بلده أو توجه إليه أبشع الاتهامات، هناك حوالي 1.3 مليون عربي من مواطني إسرائيل يشكلون 19.4% من تعداد السكان المقدر بحوالي 6.7 مليون وتقول بعض التقديرات ان هذا العدد مرجح لن تصل نسبته إلى 23% من مجموع السكان العام في إسرائيل عام 2020 والى 31% في عام 2050.
*و يتركز السكان العرب في ثلاث مناطق رئيسية هي: -
1- الجليل والشمال، بما في ذلك مدن الناصرة، سخنين، وشفا عمرو.
2- الثلث في وسط إسرائيل الذي يمتد إلى الغرب بين الخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن المناطق المحتلة عام 1967 و يضم هذا المثلث حوالي 30% من السكان العرب ويشمل بلدات، أم الفحم، الطيبة، الطيرة، باقة الغربية، وكفر قاسم، وغيرها.
3- صحراء النقب في الجنوب حيث يعيش حوالي 140 ألفاً من البدو في سبع بلدات بما في ذلك بلدة رامان وحوالي 45% من القرى في هذه المنطقة غير معترف بها.

و علاوة على ذلك، يعيش حوالي 10% من العرب في مدن عربي- يهودية مختلطة هي: تل أبيب، يافا، حيفا، عكا، اللد، الرملة والناصرة، العليا لكي لا يمثل العرب في تلك المدن سوى أقلية بسيطة ويقطنون أحياء منفصلة.

يرتبط العرب في إسرائيل بروابط مشتركة منها اللغة العربية فعلى الرغم من الاعتراف بها كلغة رسمية ثابتة في إسرائيل إلا أنها نادراً ما تستخدم في المجال العام بما في ذلك علامات الشوارع والإدارة والإجراءات القانونية.

كما يعتنق حوالي 82% من العرب في إسرائيل الإسلام، و ينقسم من تبقى حوالي 200000 بين مسيحيين ودروز حيث يقطن العرب المسيحيون في مدن الشمال ويتبعون المذهب اليوناني والكاثوليكي.

وأنشئت دولة إسرائيل في 14 /مايو /أيار 1948 ونتيجة للحرب، فإن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا في المناطق التي أصبحت تسمى إسرائيل بناء على وقف إطلاق النار في عام 1948 شردوا من أراضيهم أو طردوا منها، ليصبحوا لاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة أو الدول العربية المجاورة أو ما وراءها، في حين بقي حوالي 150 ألف فلسطيني في أراضيهم وأصبحوا أقلية في الدولة اليهودية لقد كان للحرب وما أعقبها تأثير عميق على العلاقات اليهودية العربية داخل إسرائيل فالبنسبة للدولة الناشئة كان ضمان الأمن يحتل الأولوية لذلك عملت بجد على تشجيع هجر اليهود من أوروبا والدول العربية وإيران ومنعت عودة اللاجئين الفلسطينيين كما أن مئات من القرى العربية تم إخلاؤها من سكانها أو تدميرها بعد حرب 1948 ولأن إسرائيل قد ولدت من رحم الحرب فإن حدودها أدت إلى فصل عشائر ومجتمعات عن بعضها وهناك مناطق كانت ترتبط بعلاقات اقتصادية واجتماعية قوية، مثل الطيبة وطولكرم وأم الفحم وجنين، أصبحت معزولة عن بعضها البعض من خلال ما يعرف بالخط الأخضر المحصن عسكرياً، إن الفلسطينيين الذين ظلوا في إسرائيل والذي يشار إليهم بعرب 48 لم يختاروا طوعاً ان يكونوا من مواطنين إسرائيليين و إنما نتيجة لهذه النكبة التاريخية، فحوالي ربع هؤلاء السكان اقتلعوا من بيوتهم في حوالي 400 قرية تم تدميرها.

و في السنوات الأولى التي أعقبت الحرب، اتخذت إسرائيل إجراءات تحدد وضع مواطنيها الفلسطينيين ومن ضمن هذه الإجراءات قانون الجنسية لعام 1952 الذي يمنع عودة الفلسطينيين الذين عاشوا قبل عام 1947م 1948، في المناطق التي أصبحت لاحقاً تدعى إسرائيل، بينما سمح القانون بإبعاد الذين عادوا إلى هذه المناطق بدون إذن رسمي، لكن أكثر المواد القانونية إشكالية هي تلك التي تتعلق بالأرض وملكيتها فالأراضي والبنايات العائدة لسكانها السابقين أصبحت ملكاً للدولة و غالباً ما كان يتم تسليمها للمجتمعات اليهودية "الكيبوتستات "و المزارع الجماعية" والمدارس الدينية وحتى للأفراد بينما أخذ القانون الإسرائيلي يتوسع في تعريف " المالك الغائب" ليشمل "الغائبين الحاليين" مما سمح بمصادرة الأراضي المملوكة من سكان فلسطينيين شرعيين ومن أشخاص شردوا داخلياً أي يعيشون في إسرائيل نفسها.
*ولا ننسى هنا وعد بلفور الذي عمل على إسقاط:-
- أولاً: أسقط الهوية العربية لشعب فلسطين واكتفى بالإشارة إليه بجملة "الجماعات غير اليهودية" وذلك في الوقت الذي لم يكن فيه اليهود قد بلغوا 7% من سكان فلسطين.
- ثانياً: الوضعية القانونية لشعب فلسطين العربي، حين لم يشر إليه كشعب وإنما استخدم بدلاً من ذلك مصطلح "جماعات" بينما تبرع بمنح اليهود صفة الشعب الذي يستحق حقوقاً قومية ولم يكن اليهود يوماً شعباً يمتلك مواصفات الشعب بموجب أي من النظريات المعروفة في الأدبيات السياسية و الاجتماعية.
- ثالثاً: الحقوق السياسية للشعب العربي في فلسطين بحصره عدم المساس بالحقوق المدنية و الدينية مصادراً في ذلك الحقوق السياسية لعرب فلسطين حاضراً ومستقبلاً.
- رابعاً: الوجود التاريخي للشعب العربي في فلسطين ومصادرة حقه في استمرار وجوده التاريخي والطبيعي في وطنه، باستخدامه جملة" الموجود الآن في فلسطين".
أما كيف كان هذا الوجود "الآني" و إلى أي وقت يسمح له بأن يستمر ؟فذلك ما سكت عنه النص واضعاً بذلك الأساس القانوني لعملية الاقتلاع المستهدفة، و دعوات الترحيل القسري الترانسفير والفصل العنصري " الابرتيت".
وينطوي إصدار وعد بلفور على تجاهل صارخ لتاريخ فلسطين – وكون العرب فيها- إنما هم امتداد لسكانها منذ فجر التاريخ ويعودون بأصولهم لليبوسيين والكنعانيين و الفلستينيين وغيرهم ممن عمروها قبل العبرانيين بألوف السين والذين كانوا أكثرية في عهد داوود وسليمان، كما تشير إلى ذلك التوراة وتؤكده المصادر التاريخية المعتمدة.
وبالنسبة للعرب الذين بقوا في المناطق التابعة لإسرائيل فإن الحرب وخروج اللاجئين كانت أحداث مفاجئة وعنيفة حيث ان أربعة أخماس السكان العرب قد خرجوا وبين ليلة وضحاها أصبح العرب أقلية في دولة يهودية، انحل الاقتصاد العربي وكان هناك بطاقة ضخمة في المناطق العربية كما كان هناك نقص في الأطعمة التي انقسمت لآلاف العائلات خلال الحرب، كما كانت الاتصالات مع الأصدقاء و الأقارب أو الأملاك عبر خطوط الهدنة الصارمة، أصبح العرب في إسرائيل مرتعبين من المعاملة التي لاقوها من اليهود حيث كان الكثيرون مقتنعين بزوال الدولة الإسرائيلية وكان الجميع غير متأكد من وضعه داخل هذه الدولة.
إن القوى السياسية للحركة الوطنية الفلسطينية كانت تعتمد على ارتباطات إقطاعية بين هذه العائلات وعدد من الحمولات الصغيرة و العائلات الممتدة في قرى عبر البلاد، كما كانت تعتمد على الدعم الفعال من قبل طبقة التجار والمهنيين خصيصاً المسيحيين الوطنيين عندما اختفت هذه العائلات والبرجوازية المدنية من المناطق الخاضعة لإسرائيل في 1948.

فلنأخذ بعين الاعتبار عدد السكان التقريبي لغير اليهود في المدن العربية الأساسية من فلسطين الإسرائيلية المحتلة عام 1948.

*السكان العرب في المدن الأساسية
من سنة 1947 – 1949.

الرقم
المدينة
قبل الحرب
بعد الحرب
1
القدس
75000
3500

2
يافا
70000
3600

3
حيفا
71200
2900

4
اللد- الرملة.
34920
2000

5
الناصرة
15540
16800

6
عكا
15000
3500

7
طبريا
5310
ـــــ

8
صفد
9530
ــــــ
إن هذه الأعداد وبالتحديد ما يخص عكا الناصرة تشمل اللاجئين الداخليين، إن إحصائية القدس تشير إلى ان الجهة الغربية التي بقيت تحت سيطرة إسرائيل بعد سنة 1948، فصلت خطوط الهدنة العرب في إسرائيل عن باقي مراكز السكان العرب الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وحسب ما جاء على لسان المستشار الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي حول الشؤون العربية وأن الشعب العربي الذي بقي هو بمثابة جسم بدون رأس لقد ذهبت النخبة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية.

لم يعد العرب الذين بقوا في إسرائيل يشكلون قاعدة دعم لزعامة سياسية وطنية، عن البنية الاقتصادية لفلسطين العربية على الأقل ذلك الجزء الذي تحت السيطرة الإسرائيلية قد تحطمت لم يعد هناك أي اهتمامات تسويق عربية أو صناعات عربية، لم يكن هناك صحف عربية أو دور نشر عربية ولم يكن أيضاً أحزاب سياسية عربية أو نقابات عمال، وبالإضافة إلى المدن لقد أخليت معظم القرى العربية، فقط 121 قرية من أصل أكثر من 550 قرية عربية في المناطق التابعة لإسرائيل بقيت سليمة بما في ذلك المخيمات البدوية الشمالية، إن العرب الذين بقوا كانوا بالواقع بقايا العرب.
لقد عاشت معظم العرب في إسرائيل في الجزء الشمالي من البلاد و 900000 خص في الجليل الغربي والأوسط، أما الكثافات السكانية العربية الأخرى المهمة كانت في المثلث الصغير في القطاع الأوسط و13 ألف معظمهم من البدو في صحراء النقب في الجنوب، كان الباقي مشتت في مدن مختلفة، حيفا، تل أبيب، يافا، القدس، عكا، والرملة، حيث الأكثرية فيها سكان يهود، باستثناء مدينة الناصرة و قرى شفا عمرو، وأم الفحم الكبيرة، أما القرى الـ 21 الأخرى فكانت صغيرة جداً.

كانت الأقلية مجزأة عبر حدود دينية و جغرافية لقد شكل المسلمين 70% من السكان، و شكلت الطوائف المسيحية 21% و الدروز و آخرون كونوا 9%.

لقد كانت الأقلية العربية في دولة إسرائيل الجديدة في حالة تشويش كانت مجزئة جغرافياً ودينياً و عائلياً وكانت محرومة بالكامل من الزعامة فوق مستوى البلديات، كان عرب إسرائيل وما انهزام الجيوش العربية و كانوا غير مقتنعين بدوام الأمور بالشكل الجديد ومتأملين على الأقل بأنه سيسمح للاجئين بالرجوع، كانت حالتهم الاقتصادية ميئوس منها، كان اهتمامهم الأساسي المحافظة على أملاكهم وأمانهم ولم شمل عائلاتهم.

*الدروز في فلسطين: -

إن اعتناق عدد من الفصائل للمذهب الذي عرف بالدرزي أو التوحيدي كان حوالي القرن الحادي عشر، أما بالنسبة للفترة التي تلت ظهور الدعوة التوحيدية الدرزية فإنه وكما يذكر سلمان فلح في كتابه ( عن الدروز باللغة العربية) من ان انتشار الدرزية في فلسطين كان على ثلاث مراحل تاريخية:-

· المرحلة الأولى: في القرن الحادي عشر أثر انتشار المبادئ التوحيدية ( الدرزية) في سوريا.
· المرحلة الثانية: في القرنين السادس والسابع عشر، زمن الحكم المعني في لبنان وشمالي فلسطين.
· المرحلة الثالثة: من القرن السابع عشر حتى يومنا هذا.

ومن الطبيعي أن يكون هذا التواجد قد تأرجح بين المد و الجزر نتيجة للأوضاع المتقلبة في هذه المنطقة وحتى سنوات العشرين من هذا العصر لا نجد أي مصدر يشير إلى عدد السكان الدروز في فلسطين وهذا التجاهل لا يعود إلى رغبة في طمس ذكر الدروز كما يحلو للبعض ان يلمحوا وغنما لاعتبار الدروز طائفة إسلامية كباقي الطوائف، إذا ذكر المسلمون كان الدروز ضمنهم والدروز بمجموعهم كانوا ولا يزالون سكان قرى تتوزع على مناطق الشاغور والجبل في الجليل الغربي، وعلى جبل الكرمل في مركز البلاد و هذا يعني حياة المدينة بل ما تمثله من حضارة وتطور علمي و ثقافي كانت بعيدة عن الدرزي حتى السنوات القليلة الأخيرة، و في هذا المدلول الكبير على وضع الدروز الخاص في فلسطين.

فحياة الدرزي معتمدة على الزراعة وفلاحة الأرض، فالدروز مجموعهم كانوا فلاحين ويعملون في أراضيهم و تقدر الأراضي التي كانت تعود إليهم بـ130 ألف دونم وهذه الأراضي كانت موزعة على أغلبيتهم إذا لم تظهر بين الدروز طبقة اقتصادية مستغلة كما كان الوضع في لبنان وهكذا فلم يسد النظام الإقطاعي بين دروز البلاد وإنما برزت إلى الوجود عائلات تمكنت من الظهور بمظهر القيادة باعتمادها على النفوذ الديني الذي كان أثره كبيراً على نفوس عامة الناس.

كان من نتيجة هذا الانعزال الجغرافي وقلة العدد وضعف القيادة المحلية أن ترك الدروز وشأنهم وأهملوا من قبل السلطة عشرات السنين وهذا ترك أثره السلبي على مدار السنين، فهذا المواطن المهمل ظل بعيداً عن العالم الذي يعيش فيه، لا يعرف منه غير قريته التي يسكنها وسكانها الذي يعايشهم، همه الوحيد ماشيته ومحراثه وحقله، أما العلم والسياسة و العالم فهذه أمور لا تعنيه.

لكن الثورة العربية السورية التي فجرها سلطان باشا الأطرش ورفاقه في سوريا ضد المستعمر الفرنسي غيرت كل شيء، حيث إنها لفتت أنظار العالم إلى هوية هؤلاء الثوار العرب، وجذبت الكثير الكثير من المهتمين بالبحث عن المجهول.

وفلسطين التي أصبحت في هذه الفترة مركز اهتمام وقلق كل العرب والعالم بسبب أطماع قادة الحركة الصهيونية وجدت نفسها شريك لسوريا في هبتها و مضمدة لسوريا ساعة جراحها، إذ أن العديد من الشباب وخاصة من الدروز انضموا إلى صفوف الثوار و القوافل المحملة بالمؤمن كانت تنقل العتاد والزاد من فلسطين إلى الثوار، ولما يتمكن المستعمر الفرنسي من قهر الثورة وإرغام العديد من الثوار على ترك الوطن كانت فلسطين قد التزم بفضل رجالها ان تقف إلى جانب الثوار المبعدين وتمدهم بكل ما يحتاجون إليه.

كما أن الدروز كغيره من أبناء شعبهم العربي يعتزمون بالصداقة ويحافظون على الصديق مهما كانت نوعية هذا الصديق، وذلك انطلاقاً من التقاليد العربية القديمة الأصيلة، وإذا كان الغير قد استغل هذه الصداقة لأهداف سياسية فليس في ذلك أي اتهام للدرزي اللهم إلا المتعامل عن إدراك من بينهم كان عدد الدروز في عام 1938 لم يتجاوز العشرة آلاف نسمة وفي عام 1949 لم يتجاوز الأربعة عشرة ألف سنة غالبيتهم لا هم لهم غير الحقل و البيت، يسكنون قرى منعزلة في جبال الجليل.

وشرد شعبنا العربي الفلسطيني بغالبيته العظمى في الخيام تحت رحمة القريب والبعيد وأرضنا التي تعودت على سواعد أبنائها وتكحلت بعرق جباه آبائنا و أجدادنا على امتداد التاريخ الطويل وقعت أسيرة في يد قوية لا تعرف الرحمة ومن ضحايا هذه التقلبات كان أبناء الطائفة الدرزية في هذه البلاد، الذين وجدوا أنفسهم بجزيرة حفنة من المنتفعين و العملاء، في موقف المتهم أمام إخوتهم وأبناء شعبهم والذي زاد الطين بلة، ان الشرفاء والأبطال من بينهم كممت أفواههم ومنعوا من الكلام بينما وجد المنتفعون العملاء فرصتهم ليتبجحوا بعمالتهم و ليدمغوا كل أبناء الطائفة بوصمة العار.
بسام الكرزون
وزارة الخارجية الفلسطينية – الدائرة السياسية/عمان.

صحيفة الصباح

----------------------------------------------------------------------------------------


نشرة تعتمد بمادتها على مايصدر في المواقع الإلكترونية ومايصل بريد مركز الآن للثقافة والإعلام
www.al-an-culture.com
[email protected]
00491626534011
0021261140546
http://rezgar.com/m.asp?i=216



#مركز_الآن_للثقافة_والإعلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ...
- الاستبداد لحظة انكشافه ..كلكم متآمرون .. الرئة التي يتنفس من ...
- الفقيد الحريري وسوريا والراعي الكذاب .... من أجل من تبقى في ...
- وثيقـــــة للتوقيع: مقرح نقاش فيما يتعلق بإعلان جنيف حول مست ...
- هل كانت قمة شرم الشيخ قمة إنهاء المقاومة؟ آل الصباح والمياه ...
- مناشدة : ماهر شريف / أيها الأصدقاء المثقفون والمبدعون والفنا ...
- فلسطين:الحملة الوطنية لتغيير النظام الانتخابي - القوى والاحز ...
- مــركــزالآن يدعو التيارات الفكرية والأدبية والسياسية للمشار ...
- سوسن البرغوتي تكتب عن أحياء عربية / العصا التي تستخدمها أمري ...
- طــــــلال معـــــــلا يدخل -الصمت- ويجسد تاريخ الخراب الآدم ...
- نشطاء في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني يوجهون دعوة من أج ...
- رسالة من علي الحاج حسين إلى الأديب الكردي مروان عثمان / صوتك ...
- سورية التسعينيات : قارة من الشعراء/ ملف يكاد يكون أكبر وثيقة ...
- حملة الإعتقالات: خطوات فورية لتصحيح مشهد الأحذية الثقيلة
- الحملة الدوليةلاعادة فتح ملف الجريمة النكراء بحق أطفال بنغاز ...


المزيد.....




- منهم آل الشيخ والفوزان.. بيان موقّع حول حكم أداء الحج لمن لم ...
- عربيا.. من أي الدول تقدّم أكثر طالبي الهجرة إلى أمريكا بـ202 ...
- كيف قلبت الحراكات الطلابية موازين سياسات الدول عبر التاريخ؟ ...
- رفح ... لماذا ينزعج الجميع من تقارير اجتياح المدينة الحدودية ...
- تضرر ناقلة نفط إثر هجوم شنّه الحوثيون عليها في البحر الأحمر ...
- -حزب الله- اللبناني يعلن مقتل أحد عناصره
- معمر أمريكي يبوح بأسرار العمر الطويل
- مقتل مدني بقصف إسرائيلي على بلدة جنوبي لبنان (فيديو+صور)
- صحيفة ألمانية تكشف سبب فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكراني ...
- ما عجز عنه البشر فعله الذكاء الاصطناعي.. العثور على قبر أفلا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مركز الآن للثقافة والإعلام - المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي الأمريكي.. خطأ عربي ..كيف اغتالت .. حتى لا تضيع سورية..المأزق البنيوي ..كلمة بوش..الأقليات في فلسطين